الفصل الثامن
في أصالة تأخر الحادث
لما كان مفاد الاستصحاب هو التعبد ببقاء الحالة السابقة في زمان الشك واستمرارها فيه فلا يفرق فيه بين الشك في أصل انتقاضها والعلم به في الجملة مع احتمال تأخره ، فكما يجري استصحاب حياة زيد لو احتمل حياته يجري استصحابها لو علم موته وشك في تقدمه وتأخره ، فيحكم بحياته في زمان الشك ، ومجرد العلم بالانتقاض في الجملة لا يمنع من الاستصحاب في زمان الشك ، لعموم عدم نقض اليقين بالشك ، ولخصوص صحيحة زرارة الثانية الواردة في الشك في حال الدم الذي علم باصابته للثوب ، وأنه هل أصابه قبل الصلاة أو في أثنائها.
نعم ، الاستصحاب المذكور لا ينهض بإثبات الانتقاض في الزمان المتأخر ، فلو أسلم الوارث يوم الجمعة ، وعلم بموت المورث إما يوم الخميس أو السبت ، فاستصحاب عدم موته يوم الجمعة لا ينهض باثبات موته يوم السبت ليترتب أثر موته حين إسلام الوارث.
لأن المتيقن هو كون الحادث ـ كالموت ـ في الزمان اللاحق ـ كيوم السبت ـ موجودا ، والمستصحب هو عدم حدوثه قبله ، وليسا هما متحدين مع حدوثه في الزمان اللاحق ، بل ملازمان له ، فاثباته بالاستصحاب المذكور يبتني على الأصل المثبت.
ودعوى : خفاء الواسطة ، أو عدم التفكيك عرفا بين التعبد بعدم الحدوث في الزمان السابق والتعبد بالحدوث في الزمان اللاحق.