جعله كسهولة البيان ، أو الامتحان ، أو غيرهما.
وليس النسخ إلا رفعا للحكم بعد ثبوته ، نظير الابراء من الدين بعد انشغال الذمة به ، وفسخ العقد بعد نفوذه. ولا ينهض الكلام بنفيه لا بمقتضى أصالة العموم والظهور فيه ، ولا بمقتضى أصالة الجهة. فلا بد من وجه آخر للبناء على بقاء الحكم عند الشك في نسخه.
وقد يوجه بأنه مقتضى الاستصحاب ، كما تقدم.
ويشكل : بأنه إن كان المراد استصحاب عدم النسخ ، بلحاظ أنه أمر حادث مسبوق بالعدم ، فهو مثبت ، لأن ترتب بقاء الحكم على عدم نسخه كترتب حدوثه على جعله وارتفاعه على نسخه ليس شرعيا ، بل خارجي.
وإن اريد استصحاب نفس الحكم بلحاظ اليقين به سابقا تبعا لليقين بجعله والشك في بقائه تبعا للشك في نسخه. فهو قليل الفائدة ، لأنه إنما ينفع في الوقائع التي فرض فيها فعلية الحكم المتيقن قبل احتمال نسخه ، كما لو احتمل نسخ الحكم بنجاسة الميتة في فرض وجود ميتة قد علم بفعلية الحكم بنجاستها للقطع بعدم نسخ الحكم المذكور حين طروء الموت عليها ، أو احتمل نسخ الحكم بوجوب الصلاة بعد العلم بفعليته ، للعلم بعدم نسخه حين اجتماع شرائطه من البلوغ والوقت وغيرهما.
وأما بالإضافة إلى الوقائع التي لم يتيقن فيها بفعلية الحكم ، لاحتمال طروء النسخ قبل تمامية شرائطه ، فلا مجال لاستصحاب الحكم ، لعدم اليقين به سابقا ، بل المتيقن عدمه ولو لعدم تمامية موضوعه وشروطه ، فيكون هو المستصحب.
ودعوى : أن جريان استصحاب الحكم في الوقائع التي تمت فيها شرائطه وعلم بفعليته مستتبع للبناء على ثبوته في الوقائع الاخرى بعد تمامية الشرائط فيها ، للقطع باتحاد الوقائع في الحكم.