وقد دلت الآيات على ما يلي :
١ ـ إعلام اليهود الأسلاف ومن باب أولى الخلف أنهم إن غيروا نصوص التوراة ، ولم يؤمنوا بالنبي الأمي ، بعث الله عليهم من يعذبهم إلى يوم القيامة.
وهذا تنصيص على أن ذلك العذاب مستمر إلى يوم القيامة ، وهو يقتضي أن العذاب إنما يحصل في الدنيا. وللعذاب ألوان ومظاهر ، فهو إما أخذ الجزية ، وإما الاستخفاف والإهانة والإذلال لقوله تعالى : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا) [آل عمران ٣ / ١١٢] وإما الإخراج والإبعاد من الوطن. وقد أذاقهم العذاب أمم كثيرة في الماضي من عهد بختنصّر ، إلى العهد الإسلامي ، وإلى العصر الحديث. وأما دولة إسرائيل فلا يحسد موقفها فهي تبع لإمريكا والغرب ، وتعيش في قلق واضطراب ومخاوف ، فلا تنعم بالأمن والاستقرار ، ولا تهدأ ساحتها ، لا في الداخل ولا في الخارج ، وزوالها محقق مع الزمن ، كما يثبت أهل العلم ، فإن مرور الزمان ليس في صالحهم إطلاقا.
٢ ـ اليهود أمة مشتتة ممزقة مفرقة في أنحاء الأرض ، لا يخلو منهم قطر ، منهم الصلحاء ومنهم الكفرة الفسقة الفجرة ، وقد اختبرهم الله بأنواع عديدة من الاختبارات ، أو عاملهم معاملة المختبر ، فأمدهم بالحسنات أي بالخصب والعافية ، والسيئات ، أي الجدب والشدائد ، ليرجعوا عن كفرهم ويتوبوا من فسقهم. قال أهل المعاني : وكل واحد من الحسنات والسيئات يدعو إلى الطاعة ، أما النعم فلأجل الترغيب ، وأما النقم فلأجل الترهيب.
٣ ـ أولاد الذين فرّقهم الله في الأرض ، ورثوا التوراة كتاب الله ، فقرءوه وعلموه ، وكانوا خلف سوء ، خالفوا أحكامه وارتكبوا محارمه ، مع دراستهم له ، فاستحقوا التوبيخ والتقريع من الله تعالى.
ومن قبائحهم : ماديتهم الطاغية ، وربما هم الذين علّموا أوربا وأمريكا