ووجه تعلق قوله تعالى : (وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) بما قبله : أنه ربما كان في علمه تعالى حصول أمر ثالث غير الإخراج والعود إلى الملة ، وهو البقاء في هذه القرية من غير أن نعود إلى ملتكم ، ويجعلكم مقهورين تحت أمرنا ، خاضعين تحت حكمنا.
ودل قوله تعالى : (وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) على أنه تعالى كان عالما في الأزل بجميع الأشياء ؛ لأن قوله : وسع فعل ماض ، فيتناول كل ماض ، بل إنه يتناول علم الحاضر والمستقبل وعلم المعدوم ؛ لأن التعبير بالماضي يفيد الجزم بحصول العلم بكل الأشياء.
ودل قوله تعالى : (عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا ، رَبَّنَا افْتَحْ ...) على أن النبي وكل مؤمن ينبغي أن يظل على صلة بالله وتفويض كامل في أموره له ، فقوله : (عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا) يفيد الحصر ، أي عليه توكلنا لا على غيره ، وقوله : (رَبَّنَا افْتَحْ ...) يراد به تفويض الحكم إلى الله والدعاء له واللجوء إليه ، وقوله : و (أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) يراد به الثناء على الله تعالى.
واستدل الأشاعرة بقوله : (وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) على أنه تعالى هو الذي يخلق الإيمان في العبد.
ودلت آية (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً) على أن قوم شعيب استحقوا عذاب الإهلاك أو الاستئصال بأمرين : الكفر أو الضلال ، والإضلال لغيرهم أو الإغواء.
وتعذيبهم كان بالرجفة (وهي الزلزلة الشديدة المهلكة) وبالصيحة (وهي الصوت الشديد المهلك) معا التي تلازم الرجفة ولا تنفك عنها. وذلك العذاب كان مختصا بأولئك المكذبين ، ونجّى الله المؤمنين ، وذلك يدل على ثلاثة أمور : أن ذلك العذاب إنما حدث بخلق فاعل مختار ، وليس أثر الكواكب والطبيعة ، وإلا لعم أتباع شعيب ، وذلك الفاعل المختار عالم بجميع الجزئيات ، حتى يمكنه