التفسير والبيان :
من بعض الأمم أمة قائمة بالحق قولا وعملا ، يرشدون الناس ويدعونهم إليه ، ويعملون بالحق ، ويقضون بالعدل ، دون ميل ولا جور ، وهم أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بدليل ما جاء في الأحاديث الكثيرة التي منها : ما رواه الشيخان في الصحيحين عن معاوية بن أبي سفيان قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة» وفي رواية «حتى يأتي أمر الله ، وهم على ذلك».
ومنها :ما قاله الربيع بن أنس في قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ ...) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن من أمتي قوما على الحق ، حتى ينزل عيسى بن مريم متى ما نزل».
ومنها : ما أخرجه ابن جرير الطّبري وابن المنذر وأبو الشيخ ابن حيان عن ابن جريج في قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِ) قال : ذكر لنا النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «هذه أمّتي بالحقّ يحكمون ويقضون ، ويأخذون ويعطون».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال في هذه الآية : بلغنا أنّ النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول إذا قرأها : وهذه لكم وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلها : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ).
وأخرج أبو الشيخ ابن حيان عن علي بن أبي طالب قال : لتفترقنّ هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النّار إلا فرقة ، يقول الله : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ ، وَبِهِ يَعْدِلُونَ) فهذه هي التي تنجو من هذه الأمّة.
والخلاصة : لما ذكر تعالى في قصّة موسى قوله : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) ثم أعاد الله تعالى هذا الكلام ، حمله أكثر المفسّرين