ولما قالوا : (وَهارُونَ) زالت الشّبهة في أن المقصود ليس فرعون مربّي موسى ، وإنما المقصود هو إله السّماء ، وإعلان الكفر بفرعون ؛ إذ أنهم لما قالوا : (آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ) قال لهم فرعون : إياي تعنون؟ فلما قالوا : (رَبِّ مُوسى) قال : إياي تعنون ؛ لأني أنا الذي ربّيت موسى ، فلما قالوا : (وَهارُونَ) زالت الشّبهة وعرف الكلّ أنهم كفروا بفرعون وآمنوا بإله السّماء.
تهديد فرعون للسّحرة وإصرارهم على الإيمان بالله
(قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (١٢٣) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (١٢٤) قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (١٢٥) وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (١٢٦))
المفردات اللغوية :
(آمَنْتُمْ) استفهام معناه الإنكار والاستبعاد لمكر ، المكر : صرف الإنسان غيره عما يريده بحيلة ، والمعنى : إن هذا لحيلة احتلتموها أنتم وموسى في مصر ، قد تواطأتم على ذلك لغرض لكم ، وهو أن تخرجوا منها القبط ، وتسكنوها بني إسرائيل. وكان هذا الكلام من فرعون تمويها على الناس ، لئلا يتّبعوا السّحرة في الإيمان.
(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ما ينالكم منّي. (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) أي يد كلّ واحد اليمني ورجله اليسرى وبالعكس ، والصّلب : الشدّ على خشبة ونحوها. (مُنْقَلِبُونَ) راجعون في الآخرة. (تَنْقِمُ) تنكر. (أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) أفض علينا صبرا يغمرنا كغمرة الماء ، أي هب لنا صبرا واسعا ، عند فعل ما توعدنا به فرعون ، لئلا نرجع كفارا. (وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ) ثابتين على الإسلام.