أضواء من السيرة على موقعة بدر :
هاجر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحبه الذين آمنوا به من مكة إلى المدينة ، بسبب اشتداد أذى قريش لهم ، وترك المسلمون أموالهم وأرضهم وديارهم للمشركين في مكة.
فلما سمع رسول الله بأن قافلة لقريش محملة بالمؤن والأموال الكثيرة بزعامة أبي سفيان ، قادمة من الشام ، مع أربعين نفرا من قريش ، انتدب المسلمين إليهم ، وقال : هذه عير قريش فيها أموالهم ، فاخرجوا إليها ، لعلّ الله أن ينفّلكموها. فخرج معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، واتجهوا نحو ساحل البحر على طريق بدر.
وكان أبو سفيان قد بعث حين دنا من الحجاز من يتجسس الأخبار ، فعلم بخروج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في طلبه ، فبعث ضمضم بن عمرو الغفاري نذيرا إلى أهل مكة ، يستنفرهم إلى أموالهم ، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها مع أصحابه ، فنهضوا قريبا من ألف ، وتيامن أبو سفيان بالعير إلى سيف البحر (طريق الشاطئ) محاذيا له ، فنجا بالعير والتجارة ، وجاء النفير ، فوردوا ماء بدر ، وذلك بعد أن جمعوا جموعهم ، واستنفر أبو جهل الناس من فوق الكعبة قائلا : النجاء ، النجاء ، على كل صعب وذلول ، عيركم وأموالكم ، إن أصابها محمد فلن تفلحوا أبدا. وخرج أبو جهل على رأس النفير ، وهم أهل مكة ، ثم قيل له : إن العير أخذت طريق الساحل ، ونجت ، فارجع بالناس إلى مكة ، فقال : لا ، والله ، لا يكون ذلك أبدا ، حتى ننحر الجزور ، ونشرب الخمور ، وتعزف القيان ببدر ، فيتسامع جميع العرب بنا ، وبخروجنا ، وأن محمدا لم يصب العير.
فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الناس بما حدث واستشارهم ، فقام أبو بكر رضياللهعنه فقال فأحسن ، ثم قام عمر فقال فأحسن ، ثم قام المقداد بن عمرو ، فقال : يا رسول الله ، امض لما أمرك الله به ، فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت