ومنها إقامة الصلاة ؛ إظهارا لعلو مرتبتها ، وأنها أعظم العبادات بعد الإيمان ، وأنها عماد الدين ، والفارقة بين الكفر والإيمان.
(إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) أي لا نضيع أجرهم ؛ لأن المصلحين في معنى (الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) [الكهف ١٨ / ٣٠].
وبعد أن بيّن الله تعالى مخالفة بني إسرائيل لأحكام دينهم ذكّر ببدء حالهم في إنزال الكتاب عليهم ، فقال : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ ...) أي واذكر أيها النبي إذ رفعنا فوقهم جبل الطور لقوله : (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) [البقرة ٢ / ٦٣ ـ ٩٣] (وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ) [النساء ٤ / ١٥٤] ، وأصبح كأنه سقيفة ، لما أبوا أن يقبلوا التوراة لثقلها ، وعلموا وأيقنوا أنه ساقط عليهم ؛ لأن الجبل لا يثبت في الجو ، ولأنهم كانوا يوعدون به ، وقلنا لهم : خذوا ما أعطيناكم من أحكام الشريعة بجد واجتهاد ، وحزم وعزم على احتمال المشاق والتكاليف.
واذكروا ما فيه من الأوامر والنواهي ، ولا تنسوه ، أو : واذكروا ما فيه من الإعداد للثواب والعقاب ، فترغبوا في الثواب العظيم ، وترهبوا من العقاب الشديد ، رجاء أن تتحقق التقوى في قلوبكم ، فتصبح أعمالكم متفقة مع الدين ، وفي ذلك الفلاح لكم ، أو لتتقوا ما أنتم عليه ، فإن قوة العزيمة في إقامة الدين تزكي النفوس وتهذيب الأخلاق ، كما أن التهاون في احترام الدين يغري النفوس على اتباع الشهوات ، كما قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) [الشمس ٩١ / ٩ ـ ١٠].
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه الآيات واردة في حق اليهود الذين بقوا على الكفر واليهودية ، فأما الذين آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فخارجون عن هذا الحكم.