في لم الشعث وسد الخلل ، واقامة الحدود وتسرية الجيوش لفتح بلاد الكفر ، فلما أشفق على نبوته أشفق على خلافته ، وإذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري ان يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره الى مكان يستخفى فيه ، وانما أبات عليا عليهالسلام على فراشه لما لم يكترث له ولم يحلف به (١) به لاستثقاله إياه وعلمه انه ان قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها ، فهلا نقضت دعواه بقولك : أليس قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الخلافة بعدي ثلثون سنة ، فجعل هذه موقوفة على أعمار الاربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم ، وكان لا يجد بدا من قوله لك : بلى ، قلت له حينئذ : أليس كما علم رسول الله صلىاللهعليهوآله ان الخلافة من بعده لأبي بكر علم انها من بعد أبى بكر لعمر : ومن بعد عمر لعثمان ومن بعد عثمان لعلى عليهالسلام فكان أيضا لا يجد بدا من قوله لك : نعم ، ثم كنت تقول له : فكان الواجب على رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يخرجهم جميعا على الترتيب الى الغار ويشفق عليهم كما أشفق على أبى بكر ولا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم ، وتخصيصه أبا بكر وإخراجه مع نفسه دونهم.
١٦٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى ابن مسعود قال : احتجوا في مسجد الكوفة فقالوا : ما بال أمير المؤمنين عليهالسلام لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية؟ فبلغ ذلك عليا عليهالسلام فأمر ان ينادى : الصلوة الجامعة ، فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال : يا معشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا؟ قالوا : صدق أمير المؤمنين عليهالسلام قد قلنا ذلك ، قال : ان لي بسنة الأنبياء قبلي أسوة فيما فعلت ، قال الله تعالى في محكم كتابه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) قالوا : ومن هم يا أمير المؤمنين؟ قال : أولهم إبراهيم عليهالسلام ، الى ان قال : ولى بمحمد صلىاللهعليهوآله أسوة حين فر من قومه ولحق بالغار من خوفهم وأنا منى على فراشه ، فان قلتم فر من قومه بغير خوف منهم فقد كفرتم وان قلتم : خافهم وأنامنى على فراشه ولحق بالغار من خوفهم فالوصى أعذر.
١٦٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) قال شبانا وشيوخا يعنى
__________________
(١) فلان لا يكترث لهذا الأمر : لا يعبأ به وكذا قولهم «ما أحفل بفلان» اى ما أبالي به.