وأنت خبير بان مرجع هذا الاستدلال الى صدق الفرج على الدبر في هذا المقام وفيه انه وان صح إطلاقه عليه الا ان المتبادر منه فيما نحن فيه بقرينة المقام هو القبل خاصة لأنه المتعارف المتكرر والمندوب اليه وغيره منهي عنه فينصرف الإطلاق لذلك اليه ، ويؤيده ما صرح به الفيومي في كتاب المصباح المنير ، حيث قال : «والفرج من الإنسان القبل والدبر ، وأكثر استعماله في العرف في القبل» انتهى. ويؤيد ذلك ايضا التعبير في جملة من الاخبار بالتقاء الختانين المختص بالقبل ، وسيجيء ما فيه مزيد تحقيق لذلك ان شاء الله تعالى ، وكيف كان فلا أقل من حصول الاحتمال بما ذكرنا احتمالا مساويا لما ذكروه ان منع الرجحان ، وهو كاف في بطلان الاستدلال.
و (ثانيها) ـ صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهماالسلام) (١) قال : «سألته متى يجب الغسل على الرجل والمرأة؟ فقال : إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم». والإدخال صادق فيهما.
وفيه ما تقدم في الوجه الأول ، وزيادة ما عرفت آنفا من تقييد هذه الرواية وأمثالها بالتقاء الختانين المفسر بغيبوبة الحشفة في صحيح ابن بزيع المؤذن بالاختصاص بالقبل.
و (ثالثها) ـ صحيحة زرارة (٢) الواردة في قضية المهاجرين والأنصار واختلافهم في من يخالط اهله ولا ينزل ، حيث قالت الأنصار : الماء من الماء. وقالت المهاجرون : إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل. وقول أمير المؤمنين (عليهالسلام) فيها : «أتوجبون عليه الحد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء؟ إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل». الدال بالاستفهام الإنكاري على ان إثبات الحد والرجم مع عدم إيجاب الصاع من الماء الذي هو كناية عن الغسل كالجمع بين النقيضين ، إذ هما معلولا علة واحدة وإثبات أحدهما مع نفي الآخر يؤدي الى إثبات العلة ورفعها في وقت واحد وهو محال ، أو على ان إيجاب الصاع من الماء اولى بالإثبات من إيجاب الحد لكون الحد مبنيا
__________________
(١ و ٢) المروية في الوسائل في الباب ٦ من أبواب الجنابة.