بقي الكلام في ان جملة من الأصحاب ـ كما عرفت ـ ذهبوا الى ان أكثره عشرة والشيخ في التهذيب انما استدل على هذا القول باخبار العادة المتقدمة التي تضمنت انها تكف عن الصلاة أيام أقرائها التي كانت تمكث فيها. ولا يخفى ما فيه فان أيام الأقراء تختلف باختلاف عادات النساء فإطلاق القول بأن العشرة أكثر النفاس إذا رأت عشرة ليس بصحيح ، نعم قال المفيد في المقنعة (١) : «وقد جاءت أخبار معتمدة في أن أقصى مدة النفاس مدة الحيض عشرة أيام وعليه اعمل لوضوحه» أقول : ولم يصل إلينا من هذه الاخبار إلا ما قدمناه في كتاب الفقه ونقل الشيخ محمد بن إدريس في أوائل السرائر قال : «وذكر الشيخ محمد بن محمد بن النعمان في جواب سائل سأله فقال كم قدر ما تقعد النفساء عن الصلاة وكم تبلغ أيام ذلك؟ فقد رأيت في كتابك أحكام النساء أحد عشر يوما وفي الرسالة المقنعة ثمانية عشر يوما وفي كتاب الإعلام أحد وعشرين يوما فعلى ايها العمل دون صاحبه؟ فأجابه بأن قال الواجب على النفساء ان تقعد عشرة أيام وانما ذكرت في كتبي ما روى من قعودها ثمانية عشر يوما وما روى في النوادر استظهارا بأحد وعشرين يوما ، وعملي في ذلك على عشرة أيام لقول الصادق (عليهالسلام) لا يكون دم نفاس زمانه أكثر من زمان الحيض» انتهى.
إذا عرفت ذلك فالذي يظهر عندي من التأمل في اخبار المسألة هو ان ذات العادة في الحيض ترجع الى عادتها للأخبار المتقدمة الصحيحة الصريحة في ذلك ، وانما يبقى الإشكال في غيرها فهل تعمل على روايات الثمانية عشر كما ذهب إليه العلامة في المختلف وجعله وجه جمع بين أخبار المسألة ، أو على روايات العشرة كما هو المشهور بين المتأخرين؟ إشكال ينشأ من ان روايات الثمانية عشر لا تخلو من الاضطراب ، فان صريح مرفوعة على بن إبراهيم ورواية الجوهري المنقولة من كتاب المنتقى هو ان امره (صلىاللهعليهوآله) لأسماء بعد الثمانية عشر بالغسل والطواف انما هو لتأخر سؤالها
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٣ من أبواب النفاس.