الاستحباب جواز الترك وعدم العقوبة ، والقول بالاستحباب ظاهر في طرحها وعدم العمل بما دلت عليه من الوجوب الذي إنما خرجوا عنه لضعف السند وإلا فلو صحت أسانيدها لحكموا بالوجوب.
و (اما ثالثا) ـ فان ظاهر كلامهم انهم انما حملوا هذه الاخبار على الاستحباب من حيث ضعف أسانيدها تفاديا من طرحها والا فلو صحت أسانيدها لقالوا بالوجوب كما هو ظاهرها ، وأنت خبير بان الحمل على الاستحباب حينئذ مجاز لا يصار اليه الا مع القرينة الظاهرة ، وضعف الأسانيد ليس من جملة قرائن المجاز ، ولا وجود المخالف من الاخبار في ذلك الحكم ، ويرجح القول بالوجوب أنه الأوفق بالاحتياط وهو أحد المرجحات الشرعية ، وبالجملة فإن حمل الأخبار المشار إليها على الاستحباب بعيد عن جادة الصواب. وحمل الشيخ (رحمهالله) الأخبار الأخيرة على الجاهل بالحيض. ولا يخفى بعده في الخبر الأول.
والأقرب عندي حمل الأخبار الأخيرة على التقية التي هي في اختلاف الاخبار والأحكام الشرعية أصل كل بلية ، فإن ذلك مذهب جمهور المخالفين ، قال في المنتهى بعد نقل القول بالوجوب : «وهو احدى الروايتين عن احمد وأحد قولي الشافعي» وقال بعد نقل القول بالاستحباب : «وهو قول مالك وابى حنيفة وأكثر أهل العلم» واما ما طعنوا به من اختلاف المقادير في الكفارة فقد عرفت انه محمول على ما صرحت به الرواية الاولى من المراتب في الصدقة ومع تعذرها فالاستغفار. وبالجملة فإنك قد عرفت في غير مقام ما في الجمع بين الأخبار بالاستحباب ، فإن القاعدة المروية عنهم (عليهمالسلام) هو العرض على مذهب العامة في مقام اختلاف الأخبار والأخذ بما يخالفه وهو هنا في روايات القول بالوجوب ، وبه يظهر ان القول بالوجوب هو الأقوى. قال في الذكرى : «واما التفصيل بالمضطر وغيره والشاب وغيره ـ كما قاله الراوندي ـ فلا عبرة به» والله العالم
وههنا فوائد (الأولى) ـ المشهور انه على تقدير القول بالكفارة وجوبا