الزمر : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) أي بقدرته ، وقال يداه بالتثنية لا بالإفراد لأنها أبلغ
شكلا ، وأقوى محتوى (يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) بإيجاد السبب الموجب : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ
وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) ـ ١٥ الملك».
أجل ، قد لا تسعف
الظروف أحيانا ، ويخيب المسعى. وقوله : «وإليه النشور» تهديد ووعيد لمن يطلب العيش
على حساب غيره.
(وَلَيَزِيدَنَّ
كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً). المراد بالكثير الرؤساء والمترفون الذين خافوا على
مناصبهم من دعوة الحق ، وزادتهم هذه الدعوة حقدا على صاحبها محمد (ص) لأنه كشف عن
عوراتهم وسيئاتهم التي منها تحريف كلام الله عن مواضعه ، وأكلهم المال الحرام ،
وعدم التناهي عن المنكر .. ومن شأن الدعي الصلف أن يزداد عتوا وفسادا إذا نبه الى
عيوبه ومآثمه.
(وَأَلْقَيْنا
بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ). قال صاحب تفسير المنار : لا نعرف في التفسير المأثور عن
السلف إلا أن الضمير في قوله (بينهم) يرجع إلى اليهود والنصارى في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) .. وفي تفاسير المتأخرين احتمال أن يكون الضمير لليهود
وحدهم.
ونحن على رأي السلف
أولا : لأنهم أعرف بما يراد من مفردات القرآن والحديث من المتأخرين ، لأنهم أقرب
إلى عهد الرسالة ونزول القرآن. ثانيا : لأن العداء بين اليهود والنصارى عداء ذاتي
، فاليهود يعتقدون ان المسيح مشعوذ محتال وابن سفاح ـ نعوذ بالله ـ والنصارى
يعتقدون أنه ابنه تعالى الله ، بينما يعتقد المسلمون أنه نبي منزه عن الجهل
والمعصية .. ومحال أن يزول العداء بين اليهود والنصارى : ما دامت كل طائفة على
عقيدتها ، وقد حاول بابا روما عام ١٩٦٥ أن يقرب بين الطائفتين ، ولكن اليهود ما
زالوا مصرين على رأيهم بالسيد المسيح (ع) .. أجل ، ان الأطماع المشتركة قربت ، بل
وحدت بين أرباب الشركات لكلتا الطائفتين ، ولكن على أساس تجاري ، لا على أساس
ديني.