الخيل بالذكر ، لأنها كانت من أعظم مظاهر القوة آنذاك ، وروي عن النبي (ص) انه تلا هذه الآية ، وقال : الا ان القوة الرمي ، الا ان القوة الرمي ، الا ان القوة الرمي كررها ثلاثا ، والقصد بيان أهمية الرمي وتأثيره في الحروب وقد أثبت تاريخها صحة هذه النظرية التي نطق بها الرسول (ص) منذ أكثر من ألف وثلاثمائة سنة ، حيث لا قاذفات قنابل ولا صواريخ موجهة ، وقد اتجهت عباقرة العقول في كل عصر الى تقوية الرمي وتطويره من السهم إلى الرصاص ، ومنه الى القنابل ، ومنها الى الصواريخ والقذائف الذرية والهيدروجينية .. وقد استعمل المسلمون مع الرسول الرمي بالمنجنيق في غزوة خيبر.
(تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ). قسّم سبحانه أعداء المسلمين إلى نوعين : نوع ظاهر العداء يعرفهم المسلمون بذلك ، ونوع غير ظاهر يجهل المسلمون عداوتهم ، واليهم الاشارة بقوله : (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ) وهم كل من يتمنى للمسلمين الفشل والخذلان خوفا على سلطانه واستغلاله ، ومنهم الدول المجاورة كالفرس والروم الذين تغلب المسلمون عليهم حين قويت شوكة الإسلام.
ونقف قليلا عند قوله تعالى : (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) لأنه ينطوي على مبدأ يحفظ المجتمع الانساني من الفوضى ، ويردع الطغاة الأقوياء من التلاعب بحياة الناس واستغلالهم .. وهذا المبدأ هو وجود قوة في قبضة أهل الحق والعدل يردعون بها أهل الظلم والباطل ، ويخضعونهم لحكم الله وشريعته التي تدعو الناس جميعا أن يعيشوا طبقا لقوانين الحياة وسننها ، ولا ينحرف عنها أحد ، فإذا ما راودته نفسه بالميل والانحراف أرغمته القوة على الرجوع الى تلك السنن والقوانين.
ولو ان أرباب العقول والمتخصصين بحثوا عن السبب لمشكلات الحياة وويلاتها لوجدوه في ضعف القوة الرادعة عن العدوان ، واستفحال القوة المعتدية. ويكفي مثالا على ذلك القوة التي تملكها الولايات المتحدة ، وتستغلها في السلب والنهب ، دون رادع وزاجر إلا نضال الشعوب العزلاء.