سؤال ثان : ان ليهود اليوم دولة باسم إسرائيل .. وبها زالت عنهم الذلة في الحياة الدنيا ، وهذا يتنافى مع ظاهر الآية؟.
الجواب : كلا ، وألف كلا ، ما قامت ولن تقوم أبدا دولة اليهود ، تماما كما سجل الله في كتابه الحكيم .. أما إسرائيل فليست دولة كغيرها من الدول ، وإنما هي عصابة مسلحة ، تماما كجيش المرتزقة .. أوجدها الاستعمار لحماية مصالحه وضرب القوى الوطنية ، وليس لها من الدولة إلا الاسم ، وقد أثبتنا ذلك عند تفسير الآية ١٠٩ من آل عمران ، وغيرها في المجلد الأول والثاني من هذا التفسير ، وفي كتاب من هنا وهناك فصل : باع دينه للشيطان ، وغيره من الفصول.
(وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ). معنى الآية واضح ، وتقدم نظيرها أكثر من مرة ، والقصد من ذكرها بعد الآية السابقة هو التأكيد بأن من تاب وأناب مخلصا ، ولم يعاود المعصية كما يفعل بنو إسرائيل فان الله سبحانه يرحمه ويغفر له اسرائيليا كان أو قرشيا.
(وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ). ان موسى نبي معصوم ، ما في ذلك ريب ، ولكنه انسان يحزن ويفرح ، ويرضى ويغضب .. وقد تملكه الغضب حين فوجئ بارتداد قومه عن دين الله ، وتركه الغضب حين استعطفه أخوه هرون ، ووعده الله بالانتقام من المرتدين ، وبعد أن عاد موسى (ع) إلى وضعه الطبيعي عاد الى الألواح التي ألقاها حين غضبه ، واطمأن إلى ما فيها من الهدى لمن يتفتح قلبه للخير ، والى ما فيها من الرحمة لمن يخشى نقمة الله وعذابه .. ان حكمة الله جل ثناؤه اقتضت أن يهب الرضوان والرحمة لكل من أطاعه مخافة نقمته ، وان ينزل النقمة والعذاب بكل من عصاه اتكالا على رحمته.
(وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ