علماء المسلمين .. يصل اليهم الصغير والكبير على السواء ، دون بواب وحجاب ، ويخاطبهم على سجيته بما شاء ، ودون تكلف وتحفظ .. أما البابا ومن اليه من رؤساء الأديان فلا يحلم بمجالسته ومخاطبته إلا وزير وكبير ، على أن يحدّد له من قبل وقت المقابلة وأمدها.
وعودا إلى قوله تعالى : (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ). السلام عليكم ورحمة الله ، هذه هي تحية الإسلام ، دعاء بالنجاة لمن تحييه من كل سوء ، والعيش بأمان واطمئنان ، وبرحمة الله ورضوانه ، إذ لا نجاة ولا أمان مع غضبه جل وعلا ، أما إذا عطفت بركات الله على رحمته فقد دعوت لصاحبك بالرزق الواسع ، والعطاء الجزيل .. وأين مرحبا وصباح الخير ونهارك سعيد من هذه التحية الإلهية الإسلامية؟!. وسبق قوله تعالى : (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) في الآية ١٢ من هذه السورة ، وقلنا في تفسيرها : ان رحمته تعالى لا تنفك عن ذاته القدسية ، تماما كقدرته وعلمه.
(أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). المراد بالجهالة هنا السفاهة ، أما التوبة فقد عقدنا لها فصلا خاصا بعنوان التوبة والفطرة عند تفسير الآية ١٨ من سورة النساء (فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) هذا هو الرب الذي نعبده ، يغفر لمن أناب ، ويرحم العباد ، وكل من رحم الناس وعمل لصالحهم فقد عبد الله في عمله ، وان جحده بلسانه ، وكل من اعتدى على حق من حقوقهم فقد كفر بالله ـ عمليا ـ وإن هلل وكبّر.
(وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ). ذكر سبحانه في كتابه صفات الصالحين ، وأيضا ذكر صفات المجرمين ، ليظهر كل فئة بسماتها .. هذا ، إلى أن معرفة إحدى الفئتين تستدعي معرفة الأخرى ، تماما كالهداية والضلالة.
(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ