الخمس ، وهم قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب ، والخطاب في نقص عليك موجه الى رسول الله محمد (ص) ، والقصد منه أن يخبر المسلمين بأحوال الغابرين ليعتبروا ويحذروا (وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ).
ذكر الرازي ثلاثة وجوه لتفسير هذا المقطع من الآية ، وزاد الطبرسي رابعا ، ولم يرجحا وجها منها ، وتركا القارئ العادي في تيه ، مع ان المعنى واضح. لا غموض فيه ، ويتلخص بأن أهل تلك القرى كانوا قبل أن يرسل الله اليهم رسله على الشرك والضلال ، وانهم استمروا في شركهم وضلالهم بعد أن جاءتهم الرسل بالدلائل والمعجزات ، ولم تؤثر فيهم شيئا ، حتى كأن الله لم يرسل اليهم بشيرا ونذيرا ، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ) ، والطبع هنا كناية عن قسوة قلوبهم ، وانها لا ترعوي عن ضلالها ، ولا يرجى خيرها.
(وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ). فلا يؤمنون بدين الله ، ولا يلتزمون بشيء يمت الى الانسانية بصلة .. أجل ، لهم عهد واحد يلتزمون به ، ولا يحيدون عنه ، وهو اتباع المصالح والأهواء. (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ). أي وانّا وجدنا أكثرهم منحرفين عن قصد السبيل.
(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣) وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٠٥) قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ