انتصر النبي (ص) على المشركين اعتذر اليه اليهود فقبل عذرهم وصفح عنهم ، ثم عاهدوه ثانية ونكثوا يوم الخندق .. ولا غرابة أن يخون اليهود ويغدروا ، وإنما يستكثر منهم الصدق والوفاء.
٢ ـ (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ). الخطاب للنبي (ص) بيّن الله فيه حكم هؤلاء الكفرة الغدرة ، وانه ان ظفر بهم فليقس عليهم ، حتى يتعظ بهم غيرهم ممن تراوده نفسه بالخيانة والغدر. وبهذا يتضح ان المراد بمن خلفهم غيرهم.
٣ ـ (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ). المراد بالخوف هنا العلم ، وعلى سواء أي تكون أنت وهم سواء في العلم بنقض العهد ، والمعنى إذا كان بينك يا محمد وبين قوم عهد ، وعلمت يقينا انهم خائنون بظهور أمارات قاطعة على انهم يضمرون الغدر والاغتيال ، ويتخذون من العهد ستارا يدبرون من ورائه المكر السيء ، إذا كان كذلك فألق اليهم عهدهم ، وأعلمهم انك قد نقضته ، بحيث تكون أنت وهم في العلم بالنقض سواء ، ولا تبدأهم بقتال قبل أن تعلمهم بذلك كي لا تنسب إلى الغدر والخيانة (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ).
وبكلمة : ان الإسلام يوجب الوفاء بالعهد لأهل الوفاء ، أما الذين يتخذون من العهد وسيلة للغدر والاغتيال فان الإسلام يأمر بنقضه لأنه كيد لا عهد : (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) ـ ٥٢ يوسف. قال الإمام علي (ع) : الوفاء لأهل الغدر غدر ، والغدر بأهل الغدر وفاء.
(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ). معنى سبقوا أفلتوا ، ولا يعجزون أي لا يعجزونني ، والمراد من مجموع الآية لا يحسبن أحدا ان الله يفوته مطلوب.
٤ ـ (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ). الآيات السابقة تعرضت لابرام العهد مع الغير ، والحكم فيمن ينقضه ، وفي هذه الآية أمر الله سبحانه المسلمين باعداد القوة واستكمال العدة للأعداء ، والمراد بالقوة كل ما يتقوى به على العدو رمحا كان ، أو صاروخا ، أو أي شيء .. وخص سبحانه