الإعراب :
من أجل ذلك متعلق بكتبنا. وانه (الهاء) ضمير الشأن ، والمصدر المنسبك من ان وما بعدها مفعول كتبنا. ومن شرطية. وبغير متعلق بمحذوف حالا من الضمير في قتل. وبعد ظرف متعلق بمسرفون.
المعنى :
(مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ). لقد كشفت قصة ولدي آدم ان في الناس نوعين : معتديا ومعتدى عليه .. ولحماية هذا من ذاك ، وصيانة الحياة ونظامها جعل الله لكل معتد عقوبة يستحقها ، واعتبر قتل الأبرياء جريمة الجرائم كلها ، فقوله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ) اشارة الى جريمة القتل من حيث هي ، وليس اشارة الى قصة قابيل مع أخيه هابيل ، وان كانت هي السبب الباعث على التشريع ، تماما كما تشرع السلطة قانونا عاما بسبب حادثة خاصة.
وتسأل : ان عقوبة القتل تعم بني إسرائيل وغيرهم ، فما هو القصد من تخصيصهم بالذكر؟
الجواب : أجل ، ان هذه العقوبة وغيرها عامة لهم ولغيرهم ، ولكن الله سبحانه خص اليهود بالذكر لأنهم أجرأ خلق الله على قتل عباده ، واراقة دمائهم ، وبذلك تشهد توراتهم التي أباحت لهم قتل النساء والأطفال ، ويشهد عليهم قتلهم الأنبياء في تاريخهم القديم ، وسيرتهم في فلسطين في تاريخهم الحديث.
(أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ). أي أو غير فساد في الأرض عطفا على نفس ، لا على غير ، والمعنى يجوز شرعا قتل من قتل غيره عدوانا ، وأيضا يجوز قتل من سعى في الأرض فسادا جزاء وفاقا ، وصيانة لحياة الناس وأمنهم.
أما من يقتل نفسا بريئة مسالمة (فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً). اختلف المفسرون وغير المفسرين في الوجه المبرر لتشبيه القتل الافرادي بالقتل الجماعي ، واحياء الفرد باحياء الناس جميعا ..