الهيئات والجمعيات باسم الدين والمبادئ ، ولكن سرعان ما افتضحوا ، وصاروا سبة على لسان كل واع مخلص.
(قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ). خيروه بين أن يبدأ ، أو يبدءوا ثقة منهم بسحرهم وقدرتهم على الغلبة ، وعدم مبالاتهم بموسى (ع). وغريب قول الرازي : ان السحرة خيروا موسى تأدبا واحتراما. قال ـ موسى ـ (أَلْقُوا) مستخفا بهم وبسحرهم (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ). ونسبة السحر إلى الأعين دليل على ان سحرهم لا واقع له ، وإنما هو مجرد تمويه وتضليل ، واسترهبوهم أي ان سحرهم لا واقع له ، وإنما هو مجرد تمويه وتضليل ، واسترهبوهم أي ان السحرة خوفوا وأرهبوا النظارة ، وجاءوا بسحر عظيم في التمويه والتضليل ، لا في الحقيقة والواقع.
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ. فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ). خاف موسى أن يغتر الجاهلون بتمويه السحرة وتضليلهم ، فشد الله من عزمه ، وأوحى اليه انه معه ، وأن ما جاء به السحرة ليس بشيء ، وإنما هو افتعال وتزوير. وأمره أن يلقي العصا ، ولما ألقاها ابتلعت ما زوروا ، وأبطلت ما افتعلوا ، وظهر الحق عيانا للجميع. وذهل فرعون من هول الصدمة .. انه حشد الجماهير ، وأتى بالسحرة من كل مكان ليدعم بهم عرشه وسلطانه ، ويثبت للناس كذب موسى وافتراءه .. وإذا بالآية تنعكس رأسا على عقب ، ويؤمن الجميع بما فيهم السحرة بصدق موسى وأمانته ، وكذب فرعون وخيانته (فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ). بعد ذاك الزهو ، وتلك الكبرياء ، ولو وقف الأمر عند هذا الحد لهان الخطب على فرعون بعض الشيء ولكنه فوجئ بما هو أدهى وأمر (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ ، قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ ، رَبِّ مُوسى وَهارُونَ). هؤلاء هم السحرة الذين تحدى بهم فرعون موسى وهرون يستسلمون طائعين ، ويسجدون لرب العالمين رب موسى وهرون ، لا لفرعون الذي جاء بهم لإبطال دعوة الله والحق.
وتسأل : ما هو القصد من قول السحرة : رب موسى وهرون ، مع العلم بأن قولهم : آمنا برب العالمين يغني عنه؟.
الجواب : ان فرعون كان يقول للناس : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى .. ما عَلِمْتُ