يجري عليه ما يجري على غيره من الناس إلا انه يوحى اليه (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) في ان الرسول ليس إلها ولا ملكا ، وانه بشير ونذير ، فتنتصفوا من أنفسكم ، وتؤمنوا بلا إله إلا الله محمد رسول الله؟.
(وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ). الضمير في يعود إلى القرآن الذي تقدمت اليه الإشارة في قوله تعالى : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ). واختلف المفسرون في المراد من قوله : (الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ) : هل هم المؤمنون ، أو الكافرون بالنظر إلى أن بعضهم كان يتأثر من تخويف النبي وإنذاره ، كما جاء في تفسير الرازي.
وفي رأينا ان النبي (ص) بعد أن أنذر الناس بما تقوم به الحجة عليهم أمره الله سبحانه في هذه الآية أن يستمر ويتابع إنذار المؤمنين بالقرآن ليزدادوا إيمانا وعلما بالدين وأحكامه ، وأيضا أن ينذر به غير المؤمنين ممن ترجى هدايته بمتابعة الانذار وتكراره.
(لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ). أي حين تنذرهم يا محمد يستمعون اليك ، وينتفعون بانذارك لهم ، ويدركون انه لا ولي ينصرهم من دون الله ، ولا شفيع يشفع عنده إلا باذنه.
(وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ). الغداة والعشي كناية عن مداومة ذكرهم لله وعبادتهم له ، كما تقول : الحمد لله بكرة وأصيلا ، ووجه الله كناية عن الله ، لأنه تعالى ليس كمثله شيء ، وضمير حسابهم وعليهم وتطردهم يعود الى المؤمنين الذين يدعون ربهم ، ومعنى ما عليك من حسابهم ان حسابهم وحساب غيرهم لا يدخل في موضوع النبوة ، ولا هو من شئونها ، وانما حسابهم على الله وحده ، تماما كحسابك أنت يا محمد ، لا فرق بينك وبينهم من هذه الحيثية.
ان المسلم يؤمن إيمانا قاطعا بأن محمدا (ص) أشرف الخلق على الإطلاق ، وفي الوقت نفسه يؤمن بأن عظمة محمد لا تخول له أن يحاسب أحدا ، أو يعاقبه أو يثيبه ، ان الحساب والجزاء لله ومن الله وحده لا شريك له ، وبهذه الفضيلة