ثم سمع دعوى الآخر لرواية محمد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام ، وقيل : يقرع بينهما لورودها لكل مشكل وهذا منه ، ومثله (١) ما لو تزاحم الطلبة عند مدرّس والمستفتون عند المفتي مع وجوب التعليم والإفتاء ، لكن هنا يقدم الأسبق ، فإن جهل ، أو جاءوا معا (٢) أقرع بينهم ، ولو جمعهم على درس واحد مع تقارب أفهامهم جاز ، وإلا فلا (٣) ، (وإذا سكتا) (٤) فله أن يسكت حتى يتكلما ، وإن شاء (فليقل : ليتكلم المدعي منكما ، أو تكلّما) ، أو يأمر من يقول : ذلك ، (ويكره تخصيص أحدهما بالخطاب) لما فيه من الترجيح الذي أقل مراتبه الكراهة.
(وتحرم الرشوة) (٥) بضم الراء وكسرها ، وهو أخذه مالا من أحدهما أو
______________________________________________________
ـ (قضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقدم صاحب اليمين في المجلس بالكلام) (١) وقال في المسالك : (وهذه الرواية ليست صريحة في المدّعى إلا أن الأصحاب اتفقوا على إرادة ما ذكر منها) ، ومثلها صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا تقدمت مع خصم إلى وال أو إلى قاض فقف عن يمينه ، يعني عن يمين الخصم) (٢) والتفسير ـ على ما هو المظنون ـ من الصدوق الذي أورد الخبر في الفقيه. والشيخ في الخلاف والمبسوط مال إلى القرعة وهو مذهب أصحاب الشافعي ، لأنها لكل أمر مشكل أو مجهول ، وفيه : أنه لا إشكال ولا اجمال بعد ورود النص المتقدم.
(١) أي ومثل التخاصم فالحق للأسبق ثم للقرعة ، والأسبقية للمجيء هنا لا للقول ، هذا كله إذا كان العلم المطلوب تدريسه واجبا على المدرس وإلا فهو بالخيار يقدم من يشاء ، فيجوز له رد الأول حينئذ لعدم وجوب التدريس عليه.
(٢) ومنه يستكشف أن الأسبقية للمجيء.
(٣) لأنه يكون ظلما لأحد الطرفين.
(٤) فيستحب له أن يقول : تكلما أو ليتكلم المدعي منكما ، لما في توجيه الخطاب إلى احدهما من إيحاش الآخر ، وهذا مناف لما تقدم من وجوب التسوية ، وهو يقتضي تحريم توجيه الخطاب إلى أحدهما كما هو ظاهر المبسوط والتحرير ، وعن المحقق وجماعة الكراهة وقال الشارح في المسالك (فإما أن يكون ذلك استثناء من السابق ـ أي وجوب التسوية ـ أو رجوعا عن الحكم.
(٥) الرشوة مثلثة الراء ، وهي من الكبائر بالاتفاق للأخبار.
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب آداب القاضي حديث ٢ و ١.