(والإنصاف) لكل منهما إذا وقع منه (١) ما يقتضيه ، هذا هو المشهور بين الأصحاب.
وذهب سلار والعلامة في المختلف إلى أن التسوية بينهما مستحبة عملا بأصالة البراءة ، واستضعافا لمستند الوجوب ، هذا إذا كانا مسلمين ، أو كافرين ، (و) لو كان أحدهما مسلما والآخر كافرا كان (له أن يرفع المسلم على الكافر في المجلس) (٢) رفعا صوريا ، أو معنويا كقربه إلى القاضي أو على يمينه كما جلس عليّ عليهالسلام بجنب شريح في خصومة له مع يهودي ، (وأن يجلس المسلم مع قيام الكافر). وهل تجب التسوية بينهما فيما عدا ذلك ظاهر العبارة وغيرها ذلك ، ويحتمل تعدّيه (٣) إلى غيره من وجوه الإكرام.
(ولا تجب التسوية) بين الخصمين مطلقا (٤) (في الميل القلبي) (٥) ، إذ لا
______________________________________________________
(١) أي من القاضي ، ويكون الشارح قد حمل الانصاف على معنى الاعتذار لو صدر منه ما يقتضيه ، مع أنه يمكن حمله على ردع أحد الخصمين لو صدر منه ما يوجبه كما لو صدر من أحد الخصمين شدة على خصمه.
(٢) فيجوز أن يكون المسلم قاعدا (والذمي) قائما ، أو أن تكون منزلة المسلم أعلى كما لو كان على يمين القاضي أو أقرب إلى القاضي ، بلا خلاف فيه ، لما روته العامة (أن عليا عليهالسلام جلس بجنب شريح القاضي في حكومة له مع يهودي في درع وقال : لو كان خصمي مسلما لجلست معه بين يديك ، ولكن قد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : لا تساووهم في المجلس) (١).
وأما بقية الأمور غير المجلس فهي باقية تحت العمومات السابقة من وجوب التسوية بين الخصمين.
(٣) أي امتياز المسلم على الكافر ، وفيه : إن دليل الاستثناء منحصر في المجلس كما هو قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المتقدم.
(٤) مسلمين أو كافرين أو مختلفين.
(٥) لأن التحكيم بالقلب متعذر ، ولما روته العامة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في القسم بين نسائه : (هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم بما لا أملك) (٢) يعني الميل القلبي.
__________________
(١) مغني ابن قدامة ج ١١ ص ٤٤٤.
(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٩٨.