صرحوا به كثيرا ، لحكمهم بأن من نذر الحج وهو عاجز عنه بالفعل ، لكنه يرجو القدرة ينعقد نذره ويتوقعها (١) في الوقت ، فإن خرج (٢) عاجز بطل ، وكذا (٣) لو نذر الصدقة بمال وهو فقير (٤) ، أو نذرت الحائض الصوم مطلقا (٥) ، أو في وقت يمكن فعله فيه بعد الطهارة وغير ذلك ، وإنما أخرجوا بالقيد الممتنع عادة كنذر الصعود إلى السماء ، أو عقلا كالكون في غير حيّز ، والجمع بين الضدين ، أو شرعا كالاعتكاف جنبا مع القدرة على الغسل ، وهذا القسم يمكن دخوله في كونه طاعة ، أو مباحا ، فيخرج به (٦) ، أو بهما.
(والأقرب احتياجه إلى اللفظ) (٧) فلا يكفي النية في انعقاده ، وإن استحب
______________________________________________________
(١) أي القدرة.
(٢) أي خرج الوقت المعين وهو عاجز عن الأداء بطل النذر إن كان مقيدا بوقت معين.
(٣) أي وكذا ينعقد.
(٤) ولكنه يتوقع القدرة في الوقت المعين أو مطلقا حسب النذر.
(٥) من غير تقييد بوقت معين.
(٦) أي والممتنع شرعا يخرج بالطاعة أو بالطاعة أو المباح حيث اشترطوا في متعلق النذر أن يكون طاعة أو مباحا كما تقدم.
(٧) ذهب الشيخان والقاضي وابن حمزة إلى أنه ينعقد من دون احتياج إلى لفظ ، بل تكفي النية ، لأن النذر عبادة والأصل في العبادة النية والاعتقاد ، وللنبوي (إنما الاعمال بالنيات) (١) ، وإنما للحصر والباء للسببيّة وذلك يدل على حصر العمل بالنية ولا يتوقف على غيرها وإلّا لزم جعل ما ليس بسبب سببا ، ولأن الغرض من اللفظ إعلام الغير ما في الضمير والاستدلال به على القصد ، والله تعالى عالم بالسرائر وقد قال تعالى : (إِنْ تُبْدُوا مٰا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحٰاسِبْكُمْ بِهِ اللّٰهُ) (٢).
وردّ بأن العبادات ليست منحصرة في الاعتقادات ، بل منها ما هو لفظي لا يجزي عنها الاعتقاد كالقراءة والاذكار الواجبة ، وأما النبوي فغاية ما يدل على أن النية معتبرة بالعمل وبدونها لا أثر له ، وبقية الأدلة مردودة بالنصوص التي اشترطت اللفظ في النذر.
منها : صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليهالسلام (فليس بشيء حتى يقول : عليّ ـ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١٠.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٤.