بالمد وهو مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب (١) ، أو ما سمي في العرف غناء وإن لم يطرب (٢) ، سواء كان في شعر ، أم قرآن ، أم غيرهما ، واستثنى منه المصنف وغيره الحداء للإبل (٣) ، وآخرون ومنهم المصنف في الدروس فعله للمرأة
______________________________________________________
ـ صريح في الجارية ذات الصوت الحسن وهو أجنبي عن الغناء ، وعلى أن خبري أبي بصير صريحان في جواز الغناء في الأعراس وهذا ما سيأتي البحث في استثنائه ولا تدل على جواز مطلق الغناء.
(١) كما نسب إلى المشهور ، واختلفوا في تفسير المطرب ، فعن جماعة أنه خفة تعتري الإنسان لشدة السرور ، وعن مفتاح الكرامة أنه مدّ الصوت وتحسينه ، والأولى إرجاع تحديد الغناء إلى العرف وإن لم يطرب فعلا ، بل ما كان من شأنه الإطراب ، والرجوع إلى العرف محتم بعد عدم ورود تحديد له من قبل الشارع.
ثم الغناء عند أهل فنه مخصوص بصوت الإنسان الذي من شأنه إيجاد الطرب بتناسبه ، والتناسب في الصوت له ميزان عند أهل اللحن من البم والزير والبز والمدّ والارتفاع والانخفاض والاتصال والانفصال ، وهذا التناسب هو المسمى بالغناء كما يسمى فن تناسب آلات الموسيقى بالإيقاع ، ويسمى فن تناسب الحركات الصادرة من أعضاء البدن بالرقص.
ولكن الغناء عند أهل العرف العام أعم منه إذ قد لا يكون الصوت موقّعا على السلم الإيقاعي عندهم وهو غناء عند العرف.
نعم لا بد من الجزم بعدم كون مجرد مدّ الصوت غناء وإلا لحرم الآذان والنداء ، ولا مجرد تحسينه غناء وإلا لحرم على الكثير من النساء النطق ، وفي الخبر (أن الله ما بعث نبيا إلا حسن الصوت) (١) وفي خبر آخر (كان علي بن الحسين عليهالسلام يقرأ القرآن فربما مرّ به المارّ فصعق من حسن صوته) (٢). وممّا تقدم تعرف إمكان تحقق الغناء في القرآن والمراثي ، فدعوى عدم إمكانيته في المراثي ليس في محلها.
(٢) فعلا.
(٣) فالمشهور على استثنائه للنبوي (أنه قال لعبد الله بن رواحة : حرّك النوق ، فاندفع يرتجز وكان عبد الله جيد الحداء وكان مع الرجال ، وكان أنجشة مع النساء فلما سمعه تبعه فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنجشة : رويدك ، رفقا بالقوارير) (٣) وفي المناقب (وكان حادي بعض نسائه صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب قراءة القرآن حديث ٢ و ٥.
(٣) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٢٧.