بعدها ، للتهمة بالحرص على الأداء ولا يصير بالرد مجروحا (١) ، فلو شهد بعد ذلك غيرها (٢) قبلت ، وفي إعادتها في غير ذلك المجلس وجهان (٣) ، والتبرع مانع.
(إلا أن يكون في حق الله تعالى) كالصلاة والزكاة والصوم بأن يشهد بتركها ، ويعبّر عنها ببينة الحسبة فلا يمنع ، لأن الله أمر بإقامتها ، فكان في حكم استنطاق الحاكم قبل الشهادة ، ولو اشترك الحق كالعتق والسرقة والطلاق والخلع والعفو عن القصاص ففي ترجيح حق الله تعالى أو الآدمي وجهان (٤) ، أما الوقف
______________________________________________________
ـ الكذب حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد) (١) وبثالث (تقوم الساعة على قوم يشهدون من غير أن يستشهدوا) (٢) مع ما ورد أنها لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق (٣).
هذا وذهب صاحب المستند إلى القبول ونسبه إلى ابن إدريس في السرائر ، وقد نسب القبول إلى الأردبيلي وصاحب الكفاية لأن التهمة لا تضر كما تقدم ما لم تجر نفعا أو تدفع ضررا ، وأما النبويات فليست بحجة لورودها من غير طرقنا على أنها معارضة بالنبوي الآخر (ألا أخبركم بخير الشهود؟ قالوا : بلى يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد) (٤). هذا ولو كانت الشهادة في حقوق الله فتسمع ، لأنها لو لم تسمع لتعطل الحد ، مع أنه لا مدعي لها غالبا فكل شهادة فيها تبرعية حينئذ ، وخالف الشيخ في النهاية مع أنه وافق المشهور في المبسوط ، ومخالفته للتهمة الواردة في حق المتبرع وقد عرفت ضعفه وبناء على ما تقدم فلو اشترك الحق بين حق الله وحق الآدميين فتقبل في حق الله دون حق الآدميين فيقطع بالسرقة بشهادة المتبرع ولا يغرّم.
(١) لأن الحرص المذكور الموجب لرد شهادته ليس بمعصية فتسمع شهادته في مجلس آخر وإن لم يتب عما وقع منه.
(٢) غير هذه الشهادة في دعوى أخرى.
(٣) وجه عدم القبول بقاء التهمة في الواقعة ، ووجه القبول كون الشهادة الثانية مستجمعة للشرائط.
(٤) وقد عرفت أنه مقتضى قولهم التفصيل فتسمع في حق الله دون حق الآدمي.
__________________
(١) سنن ابن ماجه ج ٢ ص ٦٤.
(٢) دعائم الإسلام ج ٢ ص ٥٠٦.
(٣) البحار ج ٦ ص ١٨.
(٤) سنن البيهقي ج ١٠ ص ١٥٩.