الثالث : المسلَّم هو عدم إمكان وصول عموم الناس إليه في غيبته ، وأمّا عدم وصول الخواصّ إليه ، فليس بمسلَّم بل الّذي دلَّت عليه الروايات خلافه ، فالصلحاء من الأُمّة الّذين يستدرُّ بهم الغمام ، لهم التشرّف بلقائه والاستفادة من نور وجوده ، وبالتالي تستفيد الأُمّة منه بواسطتهم ، والحكايات من الأولياء في ذلك متضافرة.
الرابع : قيام الإمام بالتصرّف في الأُمور الظاهرية وشئون الحكومة لا ينحصر بالقيام به شخصاً وحضوراً ، بل له تولية غيره على التصرّف في الأُمور كما فعل الإمام المهدي أرواحنا له الفداء في غيبته ، ففي الغيبة الصغرى (٢٦٠ ـ ٣٢٩ ه) كان له وكلاء أربعة ، قاموا بحوائج الناس ، وكانت الصلة بينه وبين الناس مستمرّة بهم وفي الغيبة الكبرى نصب الفقهاء والعلماء العدول العالمين بالأحكام للقضاء وإجراء السياسيات وإقامة الحدود وجعلهم حجّة على الناس ، كما جاء في توقيعه الشريف : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله عليهم». (١)
وإلى هذه الاجوبة أشار الإمام المهدي عليهالسلام في آخر توقيع له إلى بعض نوّابه بقوله :
«وأمّا وجه الانتفاع في غيبتي ، فكالانتفاع بالشمس ، إذا غيَّبتها عن الأبصار ، السحاب».
__________________
(١) كمال الدين للصدوق : ٤٨٥ ، الباب ٤٥ ، الحديث ٤.