الثالث : الحكمة عبارة عن كونه مقدّساً عن فعل ما لا ينبغي.
قال تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) (١).
والحاصل : أنّ الحكمة إما وصف للعلم وإمّا وصف للفعل. فالأوّل هو الحكمة العلمية ، والثاني الحكمة العملية أو الفعلية ، والحكمة العلمية راجعة إلى علمه تعالى بذاته وبفعله وهي من الصفات الثبوتية الذاتية ، وقد تقدّم الكلام فيها من الباب الأوّل. والّذي يراد بالبحث في هذا الباب الحكمة الفعلية بمعنييه وهما : الإحكام في خلق العالم وتدبيره وتنزّه أفعاله تعالى عمّا لا ينبغي من الجهالة والسفاهة.
للعدل في معاجم اللّغة إطلاقات أو معانٍ كالقصد في الأمور ، والتعادل والتساوي ، والاستواء والاستقامة ، والتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط (٢). والمعنى الجامع بينها هو وضع كل شيء في موضعه المناسب له. وإليه أشار الإمام علي عليهالسلام بقوله : «العدل يضع الامور موضعها». (٣)
توضيح ذلك : أنّ لكلّ شيء وضعاً خاصّاً يقتضيه إمّا بحكم العقل ، أو بنصّ الوحي وباعتبار المصالح الكلية والجزئية في نظام الكون ، فالعدل هو رعاية ذلك الوضع وعدم الانحراف إلى جانب الإفراط والتفريط.
__________________
(١) المؤمنون : ١١٥ ؛ لاحظ : شرح أسماء الله الحسنى : ٢٧٩ ـ ٢٨٠.
(٢) انظر ، المصباح المنير : ١ / ٥١ ـ ٥٢ ؛ اقرب الموارد : ٢ / ٧٥٣ ؛ المفردات في غريب القرآن : ٣٢٥.
(٣) نهج البلاغة : الحكمة ٤٣٧.