(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ* فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ* فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)(١).
ترى أنّه عليهالسلام استعمل كلمة الربّ في احتجاجه مع المشركين ، ولم يستعمل كلمة الخالق ، للفرق الواضح بين التوحيدين وعدم إنكارهم التوحيد في الأوّل وإصرارهم على الشرك في الثاني. (٢)
لفظة الربّ في لغة العرب بمعنى المتصرّف والمدبّر والمتحمّل أمر تربية الشيء ، وحقيقة التدبير تنظيم الأشياء وتنسيقها بحيث يتحقّق بذلك مطلوب كل منها وتحصل له غايته المطلوبة له ، وعلى هذا فحقيقة تدبيره سبحانه ليست الّا خلق العالم وجعل الأسباب والعلل بحيث تأتي المعاليل والمسبّبات دبر الأسباب وعقيب العلل ، فيؤثّر بعض أجزاء الكون في البعض الآخر حتّى يصل كلّ موجود إلى كماله المناسب وهدفه المطلوب ، يقول سبحانه :
__________________
(١) الأنعام : ٧٦ ـ ٧٨.
(٢) والمشركون في عصر الرسالة وان كانوا معترفين بربوبيته تعالى بالنسبة إلى التدبير الكلّي لنظام العالم ، كما يستفاد من الآية ٣١ من سورة يونس ونحوها ، لكنّهم كانوا معتقدين بربوبية ما كانوا يعبدونه من الآلهة كما يدلّ عليه بعض الآيات القرآنية ، كالآية ٧٤ من سورة يس ، والآية ٨١ من سورة مريم.