ممّا تحدّى به القرآن هو عدم وجود التناقض والاختلاف في آياته حيث قال : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (١).
توضيح ذلك : أنّ الإنسان جبل على التحوّل والتكامل ، فهو يرى نفسه في كلّ يوم أعقل من سابقه وأن ما صنعه اليوم أكمل وأجمل ممّا أتى به الأمس ، وهناك كلمة قيّمة للكاتب الكبير عماد الدين أبي محمّد بن حامد الأصفهاني (المتوفّى ٥٩٧ ه) يقول فيها :
إنّي رأيت أنّه لا يكتب إنسان كتاباً في يومه ، إلّا قال في غده لو غيّر هذا لكان أحسن ، ولو زيد كذا لكان يستحسن ، ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل ، وهذا من أعظم العبر ، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر.
هذا من جانب. ومن جانب آخر ، أنّ القرآن نزل نجوماً في مدّة تقرب من ثلاث وعشرين سنة في فترات مختلفة وأحوال متفاوتة من ليل ونهار ، وحضر وسفر ، وحرب وسلم وضرّاء وسرّاء وشدّة ورخاء ، ومن المعلوم أنّ هذه الأحوال تؤثّر في الفكر والتعقّل.
ومن جانب ثالث ، أنّ القرآن قد تعرّض لمختلف الشئون وتوسّع
__________________
(١) النساء : ٨٢.