زائلة عند حدوث المراد ، أو كون الفاعل خارجاً بها من القوّة إلى الفعل ، لأنّها لا تعدّ من صفات الكمال مقيّدة بهذه الخصائص ، بل كمالها في كون صاحبها مختاراً ، مالكاً لفعله آخذاً بزمام عمله ، فإذا كان هذا كمال الإرادة فالله سبحانه واجد له على النحو الأكمل ، إذ هو الفاعل المختار غير المقهور في سلطانه ، وليس هذا بمعنى إرجاع الإرادة إلى وصف سلبي وهو كونه غير مقهور ولا مستكره ، بل هي وصف وجودي هو نفس ذاته ، والتعبير عنه بوصف سلبي لا يجعله أمراً سلبياً كتفسير العلم بعدم الجهل ، والقدرة بعدم العجز.
فلو صحَّ تسمية هذا الاختيار الذاتي بالإرادة ، فالإرادة من صفات ذاته تعالى وإلّا وجب القول بكونها من صفات الفعل. (١)
يظهر من الروايات المأثورة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام أنّ مشيئته وإرادته من صفات فعله ، كالرازقية والخالقية ، وإليك نبذاً من هذه الروايات :
__________________
(١) ما أفاده شيخنا الأُستاذ ـ دام ظلّه ـ في تفسير إرادته تعالى يوافق نظرية العلّامة الطباطبائي قدسسره فإنّه أيضاً ناقش الرأي المشهور عند الفلاسفة من تفسير الإرادة بالعلم بالنظام الأصلح ، ثمّ أثبت لله تعالى اختيارا ذاتياً ، ثمّ بيّن أنّ الإرادة بمعناها المعهود عندنا إنمّا يصحّ إطلاقها على الله تعالى بعد التجريد عن النواقص ، بما هي صفة فعلية منتزعة عن مقام فعله سبحانه ، نظير الخلق والإيجاد والرحمة ، وذلك باعتبار تمامية الفعل من حيث السبب وحضور العلّة التامة للفعل كما يقال عند مشاهدة جمع الفاعل أسباب الفعل ليفعل ، إنه يريد كذا فعلاً. راجع : الأسفار : ٦ / ٣١٥ ـ ٣١٦ ؛ نهاية الحكمة : المرحلة ١٢ ، الفصل ١٣ ؛ بداية الحكمة : المرحلة ١٢ ، الفصل ٦ و ٨.