وممّا تقدّم يظهر الحكم في عصمة الأنبياء في تشخيص مصالح الأُمور ومفاسدها ، فإنّ الملاك في لزوم العصمة فيما تقدّم من المراتب والموارد ، موجود هنا.
كما أنّ العصمة عن الذنوب والخطأ في التبليغ وتطبيق الشريعة والأُمور العادية لازمة للأنبياء حتّى يحصل الوثوق التام بأقوالهم وأفعالهم ويحصل بذلك الغرض من بعثتهم ، كذلك ينبغي تنزّههم عن كلّ صفة توجب تنفّر الناس ، وتحلّيهم بكلّ ما يوجب انجذابهم إليهم ، قال المحقّق البحراني :
ينبغى أن يكون منزّهاً عن كلّ أمر ينفّر عن قبوله ، إمّا في خلقه كالرذائل النفسانية من الحقد والبخل والحسد والحرص ونحوها ، أو في خلقه كالجذام والبرص ، أو في نسبه كالزنا ودناءة الآباء ، لأنّ جميع هذه الأُمور صارف عن قبول قوله والنظر في معجزته ، فكانت طهارته عنها من الألطاف الّتي فيها تقريب الخلق إلى طاعته واستمالة قلوبهم إليه. (١)
ربّما يتوهّم أنّ العصمة تسلب من المعصوم الحرية والاختيار وتقهره
__________________
(١) قواعد المرام : ١٢٧.