إعدادها حدّاً تقدر معه بنفسها على سدِّ ذلك الفراغ ، غير أنّ التاريخ والمحاسبات الاجتماعية يبطلان هذا الاحتمال ويثبتان أنّه لم يقدر للأمّة بلوغ تلك الذروة لتقوم بسدّ هذه الثغرات الّتي خلّفها غياب النبيّ الأكرم ، لا في جانب التفسير ولا في جانب فصل الخصومات ، ولا في جانب ردّ التشكيكات ودفع الشبهات ، ولا في جانب صيانة الدّين عن الانحراف.
أمّا في جانب التفسير ، فيكفي وجود الاختلاف الفاحش في تفسير آيات الذكر الحكيم حتّى فيما يرجع إلى عمل المسلمين يوماً وليلة.
وأمّا في جانب القضاء في الاختلافات والمنازعات فيشهد بذلك عجز الخلفاء والصحابة عن ذلك في كثير من الموارد ، سوى الإمام علي عليهالسلام حيث كان مدينة علم النبيّ صلىاللهعليهوآله وأقضاهم بنصّ خاتم الرسالة صلىاللهعليهوآله.
وأمّا في مجال الأحكام ، فيكفي في ذلك الوقوف على أنّ بيان الأحكام الدينية حصل تدريجاً على ما تقتضيه الحوادث والحاجات الاجتماعية في عهد الرسول صلىاللهعليهوآله ، ومن المعلوم أنّ هذا النمط كان مستمرّاً بعد الرسول ، غير أنّ ما ورثه المسلمون منه صلىاللهعليهوآله لم يكن كافياً للإجابة عن ذلك ، أمّا الآيات القرآنية في مجال الأحكام فهي لا تتجاوز ثلاثمائة آية ، وأمّا الأحاديث في هذا المجال ، فالّذي ورثته الأمّة لا تتجاوز خمسمائة حديث ، وهذا القدر لا يفي بالإجابة على جميع الموضوعات المستجدّة.
ولا نعني من ذلك أنّ الشريعة الإسلامية ناقصة في إيفاء أغراضها التشريعية وشمول المواضيع المستجدّة ، بل المقصود أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان