للمرتبة النازلة عن المرتبة العالية ، فالفعل المترقّب من الحياة العقلية في الإنسان لا يقاس بفعل الخلايا النباتية والحيوانية ، كما أنّ درك الإنسان للمسائل الكلية أعلى وأكمل من حسّ النبات وشعور الحيوان ومع هذا البون الشاسع بين الحياتين ، تجد أنّا نصف الكلّ بالحياة بمعنى واحد وليس ذاك المعنى الواحد إلّا كون الموجود «درّاكاً» و «فعّالاً».
فإذا صحّ إطلاق الحياة بمعنى واحد على تلك الدرجات المتفاوتة فليصحّ على الموجودات الحيّة العِلويّة لكن بنحو متكامل ، فالله سبحانه حيّ بالمعنى الّذي تفيده تلك الكلمة ، لكن حياة مناسبة لمقامه الأسنى ، بحذف النواقص والأخذ بالزّبدة واللّب ، فهو تعالى حيّ أي «فاعل» و «مدرك» وإن شئت قلت : «فعّال» و «درّاك» لا كفعّاليّة الممكنات ودرّاكيّتها.
قد ثبت بالبرهان أنّه سبحانه عالم وقادر ، وقد تقدّم البحث فيه ، وقد بيّنّا أنّ حقيقة الحياة في الدرجات العِلوية ، لا تخرج عن كون المتّصف بها درّاكاً وفعّالاً ، ولا شكّ أنّ لله تعالى أتمّ مراتب الدرك والفعل ، لأنّ له أكمل مراتب العلم والقدرة ، ففعله النابع عن علمه وقدرته أكمل مراتب الفعل فهو حيّ بأعلى مراتب الحياة.
أضف إلى ذلك انّه سبحانه خلق موجودات حيّة ، مدركة فاعلة ، فمن المستحيل أن يكون معطي الكمال فاقداً له.