قال محمّد بن جبير :
فجئت ابن الزبير فكلمته بنحو ما كلمت به ابن الحنفية ، فقال : أنا رجل قد اجتمع عليّ وبايعني الناس ، وهؤلاء أهل خلاف. فقلت : إن خيرا لك الكفّ. فقال : أفعل.
ثم جئت نجدة الحروري فأجده في أصحابه وأجد عكرمة غلام ابن عباس عنده. فقلت : استأذن لي على صاحبك ، قال : ؛ فدخل فلم ينشب أن أذن لي ، فدخلت فعظّمت عليه وكلمته بما كلمت به الرجلين ، فقال : أما أن أبتدئ أحدا بقتال فلا ، ولكن من بدأنا بقتال قاتلناه. قلت : فإني رأيت الرجلين لا يريدان قتالك.
ثم جئت شيعة بني أمية فكلمتهم بنحو مما كلمت به القوم ، فقالوا : نحن على لوائنا لا نقاتل أحدا إلّا أن يقاتلنا. فلم أر في تلك الألوية أسكن ولا أسلم دفعة من أصحاب ابن الحنفية.
قال محمّد بن جبير :
وقفت تلك العشية إلى جنب محمّد بن الحنفية ، فلما غابت الشمس التفت إليّ فقال : يا أبا سعيد ادفع ، فدفع ودفعت معه ، فكان أول من دفع.
أنبأنا أبو الغنائم بن النرسي ، أنبأنا محمّد بن علي بن الحسن الحسني ، أنبأنا محمّد بن جعفر التميمي ـ مناولة ـ أنبأنا عبد العزيز بن يحيى ـ إجازة ـ حدّثني أحمد بن عمرو ، ثنا عبد الله بن عمر بن عبد الرّحمن ، ثنا الحكم بن زبالة ، ثنا خالد بن يزيد ـ يعني القربي ـ ثنا عمّار ابن أبي معاوية الدهني عن أبي جعفر قال : لما فتن عبد الله بن الزبير أرسل إلى من كان بحضرته من بني هاشم فجمعهم في شعب أبي طالب وأراد أن يحرقهم بالنار ، فبلغ ذلك ناسا من أهل الكوفة ، فخرجوا ينصرونهم ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق إلى ابن الحنفيّة سمعوا هاتفا يهتف وهو يقول :
يا أيّها الركب إلى المهديّ |
|
على عناجيج من المطيّ |
أعناقها كالقضب الخطيّ |
|
لتنصروا عاقبة النبيّ |
محمّدا خير بني علي |
فدخلوه على محمّد بن الحنفيّة فأخبروه بما سمعوا من الهاتف ، فقال : ذاك بعض مسلمي الجن.