الساعة. فأخبرناه عن الأبواب ، وعجل علي بن عبد الله بن عباس ، وهو يومئذ رجل ، فأسرع في الحطب يريد الخروج فأدمى ساقيه ، وأقبل أصحاب ابن الزبير فكنا صفين نحن وهم في المسجد نهارنا ونهاره لا ننصرف إلّا إلى صلاة حتى أصبحنا ، وقدم أبو عبد الله الجدلي في الناس فقلنا لابن عباس وابن الحنفية : ذرونا نرح (١) الناس من ابن الزبير. فقالا : هذا بلد حرمه الله ، ما أحله لأحد إلّا للنبي صلىاللهعليهوسلم ، ساعة ما أحلّه لأحد قبله ولا يحلّه لأحد بعده ، فامنعونا وأجيروننا. قال فتحملوا وإن مناديا لينادي في الجبل : ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية. إن السرايا تغنم الذهب والفضة وإنما غنمتم دماءنا. فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى ، فأقاموا بها ما شاء الله أن يقيموا ، ثم خرجوا إلى الطائف فأقاموا ما أقاموا وتوفي عبد الله بن عباس بالطائف سنة ثمان وستين وصلى عليه محمّد بن الحنفية ، وبقينا مع ابن الحنفية ، فلما كان الحج ، وحج ابن الزبير من مكة فوافى عرفة في أصحابه ، ووافى محمّد بن الحنفية من الطائف في أصحابه فوقف بعرفة ، ووافى نجدة بن عامر الحنفي تلك السنة في أصحابه من الخوارج فوقف ناحية. وحجت بنو أمية على لواء فوقفوا بعرفة فيمن معهم.
قال : (٢) وأنبأنا محمّد بن عمر ، حدّثني هشام بن عمارة ، عن سعيد بن محمّد بن جبير ابن مطعم عن أبيه قال : أقام الحجّ تلك السنة ابن الزبير ، وحج عامئذ ابن الحنفيّة في الخشبية (٣) معه وهم أربعة آلاف نزلوا في الشعب الأيسر من منى.
قال (٤) : وأنبأنا محمّد بن عمر ، حدّثني هشام بن عمارة ، عن سعيد بن محمّد بن جبير ابن مطعم عن أبيه قال : خفّت الفتنة فمشيت إليهم جميعا ، فجئت محمّد بن علي في الشّعب ، فقلت : يا أبا القاسم اتق الله ، فإنا في مشعر حرام ، وبلد حرام ، والناس وفد الله إلى هذا البيت ، فلا تفسد عليهم حجّهم ، فقال : والله ما أريد ذلك ، وما أحول بين أحد وبين هذا البيت ، ولا يؤتي أحد من الحاج من قبلي ، ولكني رجل أدفع عن نفسي من ابن الزبير ، وما يريد مني وما أطلب هذا الأمر إلّا أن لا يختلف عليّ فيه اثنان ، ولكن ائت ابن الزبير فكلمه وعليك بنجدة فكلمه.
__________________
(١) في ابن سعد : نريح.
(٢) القائل : محمّد بن سعد ، والخبر في الطبقات الكبرى ٥ / ١٠٣.
(٣) الخشيبة محركة ، جاء في تاج العروس بتحقيقنا : هم قوم من الجهمية ، وقال ابن الأثير : هم أصحاب المختار بن أبي عبيد وقال الذهبي : إنهم قاتلوا مرة بالخشب فعرفوا بذلك.
(٤) طبقات ابن سعد ٥ / ١٠٣ ـ ١٠٤ وسير أعلام النبلاء ٤ / ١٢٠.