نيسابور اجتمع الناس عليه ، وعقد له المجلس حسده من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لمّا رأى إقبال الناس إليه واجتماعهم ، فقال لأصحاب الحديث : إن محمّد بن إسماعيل يقول : اللفظ بالقرآن مخلوق فامتحنوه به في المجلس ، فلمّا حضر الناس مجلس البخاري قام إليه رجل فقال : يا أبا عبد الله ، ما تقول في اللفظ بالقرآن ، مخلوق أو غير مخلوق؟ فأعرض عنه البخاري ولم يجبه ، فقال الرجل : يا أبا عبد الله ، وأعاد عليه القول ، فأعرض عنه ولم يجبه ، ثم قال في الثالثة : فالتفت إليه محمّد بن إسماعيل قال : القرآن كلام الله غير مخلوق ، وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة ، فشغب الرجل وشغب الناس وتفرّقوا عنه ، وقعد البخاري في منزله.
أخبرنا (١) أبو الحسن علي بن أحمد ، أنبأنا القاضي أبو المظفّر هنّاد بن إبراهيم النّسفي ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن محمّد البخاري ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد ابن حمدان بن غارم (٢) الزندي (٣) ، وأبو عمرو أحمد بن عمر المقرئ ، قالا : حدّثنا أبو سعيد حاتم بن أحمد بن محمود الكندي (٤) قال : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول لما قدم محمّد بن إسماعيل البخاري نيسابور ما رأيت واليا ولا عالما فعل به أهل نيسابور ما فعلوا بمحمّد بن إسماعيل ، استقبلوه من مرحلتين وثلاث مراحل.
وقال محمّد بن يحيى الذهلي في مجلسه : من أراد أن يستقبل محمّد بن إسماعيل غدا فليستقبله فإنّي استقبله ، فاستقبله محمّد بن يحيى وعامة علماء أهل نيسابور ، فدخل البلد ، فنزل دار البخاريين ، قال : فقال لنا محمّد بن يحيى : لا تسألوه عن شيء من الكلام ، فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه وقع بيننا وبينه ، ثم شمت بنا كل حروري ، وكلّ رافضي ، وكل جهمي ، وكلّ مرجئ بخراسان ، قال : فازدحم الناس على محمّد بن إسماعيل حتى امتلأ الدار والسطوح ، قال : فلمّا كان يوم الثاني أبو الثالث قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن ، فقال : أفعالنا مخلوقة ، وألفاظنا من أفعالنا ، قال : فوقع بين الناس اختلاف فقال بعضهم :
__________________
(١) كتب فوقها بالأصل : ملحق.
(٢) كذا بالأصل «عامر» ، وفي «ز» ، ود : «عارم» والمثبت عن الأنساب.
(٣) كذا بالأصل ود ، وفي «ز» : الرندي ، تصحيف ، وهذه النسبة : الزندي ـ بفتح الزاي وكسون النون ـ إلى زندنة قرية من قرى بخارى ، وهي على أربعة فراسخ من البلد. ذكره السمعاني وترجمه (راجع الأنساب : الزندي ، والزندي).
(٤) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٥٨.