أقول : يستفاد من كلام ابن عربشاه في تاريخه عجائب المقدور أنه في هذه الأثناء وافته الأخبار أن سلطان الهند فيروز شاه توفي إلى رحمة الله ولم يكن له ولد يكون له خليفة ، واضطربت أحوال بلاد الهند ، وولى الأهلون وزيرا اسمه ملوا وصارت بلاد الهند فرقا وطوائف ، فوجد أن توجهه إلى بلاد الهند والاستيلاء عليها لعظم الغنيمة أولى من مجيئه إلى الديار المصرية ومحاربة برقوق ، فكرّ راجعا إلى بلاد الهند واستولى عليها. وبسط القول في ذلك.
قال ابن عربشاه : وبينما هو في الهند وقد استولى على كرسي الهند وأمصاره واحتوى على ممالكه وأقطاره ، وبلغت مراسيمه ذرى أنجاده وأعماق أغواره ، وانبثّ جيشه في ولايتها سهلا ووعرا وظهر فسادهم في رعاياها برا وبحرا ، وفد عليه المبشر من جانب الشام (وذلك في سنة إحدى وثمانمائة) أن القاضي برهان الدين أحمد السيواسي والملك الظاهر أبا سعيد برقوق انتقلا إلى دار السلام ، فسرّ بذلك صدره وانشرح ، وكاد أن يطير إلى جهة الشام من الفرح ، فنجز بسرعة أمور الهند ونقل إلى مملكته من فيها من العسكر والجند ، بما أخذه من الأثقال ونفائس الأموال ، ووزع ذلك على الجمهور وسائر الجند المأسور على أطراف ما وراء النهر من الحدود والثغور ، وأقام في الهند نائبا ثم صدر عن سمرقند قاصدا إلى الشام ومعه من الهند رؤوس أجنادها ووجوه أعيانها.
قال في روض المناظر : وفي سنة ثلاث وثمانمائة شاعت الأخبار بأن تيمور لنك حين عاد من أخذ بلاد الهند بلغه وفاة السلطان الملك الظاهر برقوق فاستبشر لذلك وأنعم على مخبره بجملة مستكثرة ، وكان في نفسه من قتله رسله ومن أخذ ابن عثمان (السلطان با يزيد رحمهالله) سيواس وملطية وأخذ السلطان أحمد بغداد ، فقصد بلاد الشام ومعه من العساكر ما لا يحصى. أخبرني الحافظ الخوارزمي أن بديوان عسكره المختصة به ثمانمائة ألف وأنه اجتاز على سيواس وحاصرها وأخذها بعد أن حلف لأهلها أنه لا يضع فيهم السيف ، فلما تمكن منهم حفر لهم حفائر ودفنهم فيها أحياء ، قيل كانوا ثلاثة آلاف مسلم ، ثم حرقها وخربها ، وتوجه نحو البستان فوجد أهلها قد أخلوها فأحرقها وخربها ، ثم توجه إلى ملطية فهرب من كان بها فأخذها وخربها ، ثم اجتاز على بهسنى فحاصرها ونصب عليها المنجنيق وهدم بعض قلعتها ثم أخذها صلحا ، وقصد قلعة المسلمين (١) وكان نائبها فارس المسلمين المقر
__________________
(١) من هنا إلى قوله من السلالة الطاهرة العمرية غير موجود في النسخة المطبوعة من روض المناظر على هامش ابن الأثير ، وقد وجدت هذه الزيادة في نسخة خطية منه وبتمامها سقطت من النسخة المطبوعة.