حسن بن الداية حاضرا فقال للسلطان : يا مولانا لا تلتفت إلى هؤلاء فإنهم آذوا هذا الوالي وكذبوا عليه حتى فوتوه ما كان السلطان وعده به ، وما قلت هذا إلا عن تجربة ، فإنني لما كنت متوليا لهذه القلعة جرى من كذبهم في حقي وتخرصهم عليّ أمور كدت بها أهلك مع نور الدين ، وهم كانوا سبب خروجي من هذه القلعة ، وأنا أرى أن السلطان يقرهم في القلعة على هذه التجربة ، فضحك السلطان وأمر لهم بما كان وعدهم به وأفضل عليهم وولى في القلعة إبراهيم بن شروه وقال لابن الداية : إن بين أيدينا أمكنة نريد أخذها ومتى لم نف ونجزل العطاء لم يثق بنا أحد. وبات السلطان بقلعة حارم ليلتين وعاد إلى حلب في ثالث ربيع الأول ، ثم أعطى العساكر دستورا فسار كل منهم إلى بلده وأقام يقرر قواعد حلب ويدبر أمورها. ورجفت أنطاكية بعد ذلك رعبا فأرسل صاحبها جماعة من أسارى المسلمين وانقاد وسارع إلى أمان السلطان.
تقرير الملك صلاح الدين لقواعد حلب وترتيب أمورها
وتوليته عليها ولده الملك الظاهر غازي
قال في الروضتين : لما عاد صلاح الدين من حارم إلى حلب في ثالث ربيع الأول رتبها وقرر ولده الظاهر غازي سلطانا بها وقرر له في كل شهر أربعة آلاف درهم وعشرين كمة وقباء وما يحتاج إليه من الطعام وغيره ، وجعل معه واليا سيف الدين أزكش الأسدي ، وولى حسام الدين بميرك الخليفتي شحنة حلب ، وولى الديوان ناصح الدين إسماعيل بن العميد الدمشقي ودار الضرب ، فضرب الدرهم الناصري الذي سكته خاتم سليمان ، ونقل الخطابة من بني العديم إلى أبي البركات بن الخطيب هاشم بسفارة القاضي الفاضل ، وولى القضاء لمحيي الدين بن زكي الدين الدمشقي فاستناب فيه ابن عمته أبا البيان نبأ بن البانياسي ، وولى الجامع والوقوف لأبي علي بن العجمي ، وولى قلعتها سيف الدين يازكوج وأقر عين تاب على صاحبها وأعطى تل خالد وتل باشر بدر الدين دلدرم بن بهاء الدولة بن ياروق ، وأعطى قلعة عزاز علم الدين سليمان بن جندر ، وكشف السلطان عن حلب المظالم وأزال المكوس.
وفي توقيع إسقاط المكوس بحلب من كلام القاضي الفاضل عن السلطان : وانتهى إلينا أن بمدينة حلب رسوما استمرت الأيدي على تناولها والألسنة على تداولها وفيها بالرعاة