ثم إن السلطان أرسل إلى نعير خلعة وأقره على عادته أمير آل فضل اه.
وقتل الأمير نعير سنة ٨٠٨ كما سيأتي في ترجمته في القسم الثاني إن شاء الله تعالى.
استيلاء تمرلنك على بغداد وهرب صاحبها السلطان
أحمد بن أويس ومجيئه إلى حلب واستعداد المصريين
قال ابن إياس : إن الناس ما صدقوا أن فتنة منطاش قد خمدت حتى استأنفت لهم فتنة أخرى ، وهي أنه عقب ذلك حضر طواشي رومي يسمى صفي الدين جوهر أرسله صاحب ماردين فأخبر بأن تمرلنك قد أخذ تبريز ، ثم حضر عقب ذلك قاصد صاحب بسطام فأخبر بأن تمرلنك قد أخذ شيراز ، ثم حضر قاصد نائب الرحبة وأخبر بأن القان أحمد بن أويس صاحب بغداد قد وصل إلى الرحبة وهو هارب من تمرلنك ، وقد احتاط على غالب بلاده وملكها. وكان سبب أخذ تمرلنك بلاد القان أحمد بن أويس أن تمرلنك أرسل إلى القان أحمد كتابا يترفق له فيه ويقول له : أنا ما جئتك محاربا وإنما جئتك خاطبا أتزوج بأختك وأزوجك بنتي ، ففرح القان أحمد بذلك وظن أن هذا الكلام صحيح ، فكان كما قيل في المعنى :
لا تركنن إلى الخريف فماؤه |
|
مستوخم وهواؤه خطاف |
يمشي مع الأجسام مشي صديقها |
|
ومن الصديق على الصديق يخاف |
وكان القان أحمد استعد لقتال تمرلنك وجمع له العساكر ، فلما أتى قاصد تمرلنك بهذا الخبر ثنى عزمه عن القتال واستعاد من العسكر الذين قد جمعهم ما أعطاهم من آلة القتال وصرف همته عن القتال ، فلم يشعر إلا وقد دهمته عساكر تمرلنك من كل مكان فضاق بهم رحب الفضاء ، فخرج إليهم القان أحمد بمن بقي معه من العساكر ، فبينما القان يقع مع عسكر تمرلنك إذ فتح أهل بغداد بقية أبواب المدينة وقد خافوا على أنفسهم مما جرى عليهم من هولاكو أيام الخليفة المستعصم بالله ، فلما رأى تمرلنك أبواب المدينة مفتحة دخل إلى المدينة وملكها ولم يجد من يرده عنها ، فلما بلغ القان أحمد ذلك ما أمكنه إلا الهرب ، فأتى إلى جسر هناك فعدى من فوقه ثم قطعه ، فلما بلغ عسكر تمرلنك تتبعوا القان أحمد وخاضوا خلفه الماء فهرب منهم فتبعوه مسيرة ثلاثة أيام ، فلما حصلت له هذه الكسرة قصد التوجه إلى الديار المصرية ، ثم حضر قاصد نائب حلب وأخبر بأن القان أحمد بن أويس قد وصل إلى حلب.