ولاية عز الدين مسعود بن مودود بن زنكي
ابن آقسنقر من شعبان إلى شوال من سنة ٥٧٧
ثم ولاية عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي
في المحرم من سنة ٥٧٨
قال في الروضتين : لما توفي الملك الصالح أرسل دزدار حلب وهو شاذبخت وسائر الأمراء إلى أتابك عز الدين يدعونه إلى حلب ليسلموها إليه ، فورد الخبر ومجاهد الدين قايماز قد سار إلى ماردين لمهم عرض فلقي القاصدين عندها فأخبروه الخبر ، فسار أتابك مجددا ، فلما وصل إلى المنزلة التي بها مجاهد الدين أقام معه وأرسل إلى حلب يستحضر الأمراء ، فحضروا كلهم عنده وجددوا اليمين له ، فسار حينئذ إلى حلب ودخلها وكان يوما مشهودا. ولما عبر الفرات كان تقي الدين عمر ابن أخي صلاح الدين بمدينة منبج فسار عنها هاربا إلى مدينة حماة ونادوا بشعار أتابك ، وكان صلاح الدين بمصر فأشار عسكر حلب على عز الدين بقصد دمشق وأطمعوه فيها وفي غيرها من البلاد الشامية وأعلموه محبة أهلها للبيت الأتابكي ، فلم يفعل وقال : بيننا يمين فلا نغدر به. وأقام بحلب عدة شهور ثم سار منها إلى الرقة فأقام بها ، وجاءه رسول أخيه عماد الدين يطلب أن يسلم إليه حلب ويأخذ منه عوضها مدينة سنجار فلم يجبه إلى ذلك ، ولج عماد الدين وقال : إن سلمتم إلي حلب وإلا سلمت أنا سنجار إلى صلاح الدين ، فأشار حينئذ الجماعة بتسليمها إليه وكان أكبرهم في ذلك مجاهد الدين قايماز ، فإنه لج في تسليمها إلى عماد الدين ولم يمكن أتابك عز الدين مخالفته لتمكنه في الدولة وكثرة عساكره وبلاده ، فوافقه وهو كاره ، فسلم حلب إلى أخيه وتسلم سنجار وعاد إلى الموصل وكان صلاح الدين بمصر وقد أيس من العودة إلى الشام ، فلما بلغه ذلك برز من القاهرة إلى الشام ، فلما سمع أتابك عز الدين بوصول صلاح الدين إلى الشام جمع عساكره وسار عن الموصل خوفا على حلب من صلاح الدين ، فاتفق أن بعض الأمراء الأكابر مال إلى صلاح الدين وعبر الفرات إليه ، فلما رأى أتابك ذلك لم يثق بعده إلى أحد من أمرائه إذ كان ذلك الأمير أوثقهم في نفسه ، فعاد إلى الموصل.