القلعة أحسن قيام وصبر على الحصار وقاتل أشد قتال. ولما طال مقام خدابندا على الرحبة بجموعه وقع في عسكره الغلاء والفناء وتعذرت عليه الأقوات وكثرت منه المقفزون إلى الطاعة وضجروا من الحصار ولم ينالوا شيئا ولا وجد خدابندا لما أطمعه به قراسنقر والأفرم صحة ، فرحل خدابندا عن الرحبة راجعا على عقبه في السادس والعشرين من رمضان بعد حصار نحو شهر وتركوا المجانيق وآلات الحصار على حالها ، فنزلت أهل الرحبة واستولوا عليها ونقلوها إلى الرحبة ، ولما جرى ذلك رحل سودي وعسكر حلب من حماة وعادوا إلى حلب واستمر بهادراص ومن معه من عسكر دمشق مقيما بحماة مدة ، ثم ورد لهم الدستور فساروا إلى دمشق اه.
وذكر ابن إياس لرحيلهم عن الرحبة سببا آخر حيث قال : وفي هذه السنة حضر مملوك نائب حلب وأخبر السلطان بأن التتار قد تحركوا على البلاد ، فلما تحقق السلطان ذلك عرض العسكر وأنفق عليهم فعبوا حالهم في سبعة أيام. ثم خرج السلطان من القاهرة في أوائل شهر رمضان وقصد التوجه إلى حلب بسبب التتار ، فلما وصل إلى غزة وردت عليه الأخبار بأن التتار بلغهم مجيء السلطان فخافوا ورحلوا عن مدينة الرحبة وتوجهوا إلى بلادهم.
سنة ٧١٤
وفاة سيف الدين سودي وآثاره بحلب
وتوليتها للأمير علاء الدين ألطنبغا
قال أبو الفداء : في هذه السنة في رجب توفي الأمير سيف الدين سودي نائب السلطنة بحلب ، فولى السلطان نيابة السلطنة بحلب الأمير علاء الدين ألطنبغا الحاجب ، ووصل إلى حلب واستقر بها نائبا في أوائل شعبان من هذه السنة. اه.
قال ابن كثير : وممن توفي في هذه السنة سودي نائب حلب في رجب ودفن بتربته وهو الذي كان سببا في إجراء النهر إليها غرم عليه ثلثمائة ألف (١). وكان مشكور السيرة حميد الطريقة رحمهالله.
__________________
(١) انظر حوادث سنة ٧٣١.