وقال ابن الأثير بعد أن ذكر خبر الهدنة على نحو ما قدمناه : وأما صلاح الدين فإنه عاد إلى حلب ثالث شعبان فدخلها وسار منها إلى دمشق وفرق العساكر الشرقية كعماد الدين زنكي بن مودود صاحب سنجار والخابور وعسكر الموصل وغيرها ، ثم رحل من حلب إلى دمشق وجعل طريقه على قبر عمر بن عبد العزيز فزاره وزار الشيخ الصالح أبا زكريا المغربي ، وكان مقيما هناك وكان من عباد الله الصالحين وله كرامات ظاهرة ، وكان مع صلاح الدين الأمير عز الدين أبو الفليتة قاسم بن المهنا العلوي الحسيني وهو أمير مدينة النبي صلىاللهعليهوسلم ، كان قد حضر عنده وشهد معه مشاهده وفتوحه ، وكان صلاح الدين قد تبرك برؤيته وتيمن بصحبته ، وكان يكرمه كثيرا وينبسط معه ويرجع إلى قوله في أعماله كلها ، ودخل دمشق أول شهر رمضان فأشير عليه بتفريق العساكر ، فقال : إن العمر قصير والأجل غير مأمون وقد بقي بيد الفرنج هذه الحصون كوكب وصفد والكرك وغيرها ولا بد من الفراغ منها ، فإنها في وسط بلاد الإسلام ولا يؤمن شر أهلها وإن أغفلناهم ندمنا فيما بعد اه.
سنة ٥٨٧
ذكر وفاة الأمير حسام الدين
قال في الروضتين : في هذه السنة توفي الأمير حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين ابن أخت السلطان صلاح الدين بدمشق تاسع عشر رمضان ودفن بالتربة الحسامية المنسوبة إليه.
آثاره بحلب :
قال في الدر المنتخب المنسوب لابن الشحنة : [المدرسة الحدادية] أنشأها الأمير حسام الدين محمد بن عمر ابن أخت صلاح الدين ، وهي من الكنائس الأربع التي قدم ذكرها التي صيّرها ابن الخشاب مساجد ، فهدمها وبناها بناء وثيقا ، فلم يزل يتولاها المدرسون إلى أن وصلت إلي ونزلت عنها لولديّ وهي الآن بيدهما. وقال بعده : إنها الآن معطلة.
قال ابن شداد : أول من درس بها الفقيه الإمام الحسين بن محمد بن أسعد ، ثم تولاها فخر الدين يوسف ولم يزل إلى أن قتله التتر عند استيلائهم على حلب.