فرأى على الأكياس والآنية مكتوبا يوسف ، فسأل عن هذا الاسم فقيل له : ولد يحبه ويوثره اسمه يوسف كان يدخر هذه الأموال له ، فقال السلطان : أنا يوسف وقد أخذت ما خبىء لي ، فتعجب الناس من ذلك. قال : ولما فرغ من منبج نزل على أعزاز ونصب عليها عدة مجانيق وجد في القتال وبذل الأموال. قال العماد : ثم نزل السلطان على حصن عزاز وقطع بين الحلبيين وبين الفرنج الجواز وهو حصن منيع رفيع فحاصره ثمانية وثلاثين يوما ، وكان السلطان قد أشفق على هذا الحصن من موافقة الحلبيين للفرنج ، فإن الغيظ حملهم على مهادنة الفرنج وإطلاق ملوكهم الذين تعب نور الدين رحمهالله في أسرهم ، فرأى السلطان أن يحتاط على المعاقل ويصونها صون العقائل ، فتسلمها حادي عشر ذي الحجة بعد مدة حصارها المذكور. قال : وأغار عسكر حلب على عسكرنا في مدة مقاما على عزاز فأخذوا على غرة وغفلة ما تعجلوه وعادوا فركب أصحابنا في طلبهم فما أدركوا إلا فارسا واحدا ، فأمر السلطان بقطع يده بحكم جرده ، فقلت للمأمور وذلك بمسمع من السلطان : تمهل ساعة لعله يقبل مني شفاعة ، ثم قلت : هذا لا يحل وقدرك بل دينك عن هذا يجل ، وما زلت أكرر عليه الحديث حتى تبسم وعادت عاطفته ورحم وأمر بحبسه وسرني سلامة نفسه ، ودخل ناصر الدين بن أسد الدين وقال : ما هذا الفشل والونى؟ وإن سكتم أنتم فما أسكت أنا ، ودمدم وزمجر وغضب وزأر وقال : لم لا يقتل هذا الرجل ولما ذا اعتقل ، فوعظه السلطان واستعطفه وسكن غضبه وتعطفه وتلا عليه (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وأطلق سراحه وتم في نجاته نجاحه اه.
ذكر وثوب الحشيشية على السلطان صلاح الدين
مرة ثانية قصد اغتياله
قال في الروضتين : كانت الوثبة الأولى عليه وهو على حلب وقد تقدم ، وهذه كانت حادي عشر ذي القعدة وهو على أعزاز يحاربها ، وكان للأمير جاولي الأسدي خيمة قريبة من المنجنيقات وكان السلطان يحضر فيها كل يوم لمشاهدة الآلات وترتيب المهمات وحض الرجال والحث على القتال. ثم قال : قال ابن أبي طي : لما فتح السلطان حصن بزاعة ومنبج أيقن من بحلب بخروج ما في أيديهم من المعاقل والقلاع فعادوا إلى عادتهم في نصب