وقد نزع الله الرحمة من قلوبكم فذلك من أكبر عيوبكم ، وهذه صفات الشياطين لا صفات السلاطين (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) ففي كل كتاب لعنتم وعلى لسان كل رسول بالسوء ذكرتم وبكل قبيح وصفتم ، وعندنا العلم بكم من حين خلقتم وأنتم الكفرة كما زعمتم ، ألا لعنة الله على الكافرين ، نحن المؤمنون حقا ، لا يدخلنا عيب ولا يخامرنا ريب ، القرآن على نبينا نزل والرب بنا رحيم لم يزل ، إنما النار لكم خلقت ولجلودكم أضرمت ، إذا السماء انفطرت ، ومن أعجب العجاب تهديد الرتوت باللتوت ، والسباع بالضباع ، والكماة بالكراع ، ونحن خيولنا برقية وسهامنا يمنية ، وسيوفنا شديدة المضارب ، وذكرنا في المشارق والمغارب ، إن قتلناكم فنعم البضاعة ، وإن قتلنا فبيننا وبين الجنة ساعة ، (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) وقولكم قلوبنا كالجبال وعددنا كالرمال ، فالقصّاب لا يبالي بكثرة الغنم وكثير الحطب ، يكفيه قليل من الضرم (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) الفرار الفرار من الرزايا لا من المنايا ، ونحن من الطمأنينة على عادة الأمنية ، إن قتلنا فشهداء وإن عشنا كنا سعداء (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) أبعد أمير المؤمنين وخليفة رسول رب العالمين [يعني الخليفة العباسي الذي كان إذ ذاك بمصر] تطلبون منا طاعة ، لا سمعا لكم ولا طاعة ، وطلبتم أن نوضح لكم أمرنا قبل أن ينكشف الغطا ويدخل علينا منكم الخطا ، هذا الكلام في نظمه تركيك وفي سلكه تفكيك ، لو كشف لبان بعد التبيان ، أكفر بعد إيمان واتخاذ رب ثان (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) قل لكاتبك الذي وضع رسالته ووصف مقالته وصل كتاب كصرير الباب أو كطنين الذباب (سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا) وما لكم عندنا إلا السيف بقوة الله تعالى ١.
قال الدحلاني : فلما وصل الكتاب إلى تيمور غضب غضبا شديدا ، وكأن الله ألقى الرعب في قلب تيمور من السلطان برقوق فرجع إلى بلاده.
__________________
١ ـ يلاحظ التقارب والتشابه بين رسالة هولاكو إلى الملك الناصر وجواب الملك الناصر ورسالة تيمرلنك إلى الملك برقوق وجواب الملك برقوق.