حلب نائبا وانضم إليه جماعة وحاصروا كمشبغا في قلعتها ، وجهز السلطان برقوق عسكرا من مصر ومقدمهم الأمير يلبغا الناصري وأرسل معه الجوباني نائبا بدمشق وقرا دمرداش نائبا بطرابلس ، وبلغ ذلك منطاش فهرب من دمشق ، وبلغ ذلك تمنتمر فهرب من حلب ، وخرج الناصري والجوباني ومن معهما من العساكر من دمشق في إثر منطاش وهو منضم إلى نعير وعنقا [أميران للعرب] وحصلت وقعة عظيمة على حمص قتل فيها الجوباني وجماعة من الأمراء وعاد الناصري إلى دمشق ، فجاءه تقليد بنيابتها ، وبلغ ذلك كمشبغا نائب حلب فأخذ في عمارة سورها فعمرت أحسن عمارة ولم تكن من عهد قازان عمرت ، ووصل منطاش ونعير وعنقا بعساكر عظيمة ونازلوا حلب وحاصروها في شهر رمضان وانقلبوا خاسئين ، وتوجه منطاش إلى شولي ابن دلغادر وقصدا عين تاب وكان بها الأمير ناصر الدين محمد بن عز الدين شهري بن شهري من أشار بوضع هذا التاريخ المشار إليه في أول الكتاب وحوصر فأجاد في رفعهم عنها وظهرت فروسيته وشكر على ذلك ، وطلبه السلطان بعد ذلك وأنعم عليه وأكرمه.
زيادة بيان في محاصرة تمنتمر الأشرفي لحلب ومحاصرة منطاش لعينتاب
قال ابن إياس : وفي رجب جاءت الأخبار من حلب بأن منطاش أرسل شخصا يسمى تمان تمر الأشرفي إلى مدينة حلب ، وكان نائب حلب كمشبغا الحموي قد ثقل أمره على أهل حلب ، فما صدقوا بهذه الحركة ، فحاصروا نائب حلب أشد المحاصرة وتعصبوا إلى منطاش فنقبوا القلعة من ثلاثة مواضع ، فصار كمشبغا نائب حلب يقاتلهم من داخل النقب على البرج ، واستمروا على ذلك نحو ثلاثة شهور فانتصر كمشبغا نائب حلب على تمان تمر الأشرفي الذي ولاه منطاش على حلب ، فانكسر تمان تمر وولى هاربا ، ثم إن كمشبغا نائب حلب أخذ في أسباب عمارة ما تهدم من المدينة وزاد.
ثم قال : وبعد مدة جاءت الأخبار بأن منطاش توجه إلى عينتاب فالتف عليه جماعة كثيرة من التركمان فحاصر مدينة عينتاب أشد ما يكون من المحاصرة فملكها وهرب النائب الذي كان بها ، فلما دخل الليل جمع نائب عينتاب جماعة كثيرة من التركمان وكبس منطاش فقتل من عسكره نحو مائتي إنسان وهرب منطاش نحو الفرات.