عرض لهم ما يقتضي المشاورة يطلعون إلى الجبل ويجتمعون في خيمة الملك المظفر وبين يديه يتشاورون على ما فيه المصلحة ، واستمر الحال على ذلك إلى أن فتحت حموص وغيرها على ما سنذكره.
ثم قال : ولما دخلت العساكر إلى سيس ونازلت حموص كان ملك الأرمن سنباط ، ولما ضاقت على الأرمن البلاد بما رحبت وهلكوا من كثرة ما قتل وغنم منهم المسلمون نسبوا ذلك إلى سوء تدبير سنباط وعدم مصانعته للمسلمين فكرهوه واتفقوا على إقامة أخيه دندين ابن ليفون في المملكة والقبض على سنباط ، واجتمع الأرمن على دندين فأحس سنباط بذلك فهرب إلى جهة قسطنطينية وتملك دندين ، ويقال له كسيندين أيضا ، فلما تملك دندين المذكور أرسل إلى العساكر المقيمة في بلاد سيس على حموص وعلى غيرها وبذل لهم الطاعة والإجابة إلى ما يرسم به سلطان الإسلام وأنه نائب السلطان بهذه البلاد ، فطلب منه العسكر أن يكون نهر جيحان حدا بين المسلمين والأرمن وأن يسلم كل ما هو جنوبي نهر جيحون من الحصون والبلاد ، فأجاب دندين المذكور إلى ذلك وسلم جميع البلاد التي جنوب نهر جيحان المذكور إلى المسلمين ، منها حموص وتل حمدون وكويرا والنفير وحجر شغلان وسرفندكار ومرعش ، وهذه جميعها حصون منيعة ما ترام ، وكذلك سلم غيرها من البلاد ، وكان تسليم حموص يوم الجمعة تاسع عشر شوال من هذه السنة ووافق ذلك ثامن شهر آب ، وسلمت تل حمدون بعدها ، ثم سلمت باقي الحصون والبلاد المذكورة ، وأمر حسام الدين لاجين الملقب بالملك المنصور باستمرار عمارة هذه البلاد ، وكان ذلك رأيا فاسدا على ما سيظهر من عود هذه البلاد إلى الأرمن عند دخول قازان البلاد. (ثم قال) : وعدنا من بلاد سيس ودخلنا حلب تاسع ذي القعدة.
ولما أقمنا بها ورد مرسوم حسام الدين لاجين إلى سيف الدين بلبان الطباخي [نائب حلب] بالقبض على جماعة من الأمراء المجردين مع العسكر ، فعلموا بذلك ، وكان قبجق مقيما بحمص مستشعرا خائفا من لاجين المذكور فهرب من حلب فارس الدين البكي نائب السلطنة بصفد وكان من جملة العسكر المجردين على حلب ، وكذلك هرب السلحدار وبورلار وغراز ووصلوا إلى حمص واتفقوا مع سيف الدين قبجق على العصيان. ولما هربوا ساق خلفهم أيدغدي شقير مملوك حسام الدين لاجين من حلب مع جماعة من العسكر