قال ابن كثير في حوادث هذه السنة : وممن توفي فيها من الأعيان جنكز خان ملك التتار وجد ملوكهم ، وساق له ترجمة طويلة حافلة تدل على حسن سيرته وعدله في رعيته ، ومما جاء فيها أنه أهدى له رجل جام زجاج من معمول حلب فاستحسنه جنكز خان ، فوهّن أمره عنده بعض خواصه وقال : خوند هذا زجاج لا قيمة له ، فقال : أليس قد حمله من بلاد بعيدة حتى وصل إلينا سالما ، أعطوه مائتي بالس اه.
سنة ٦٢٦
وصف ياقوت لحلب في هذه السنة في كلامه على حلب
في كتابه معجم البلدان
قال : شاهدت من حلب وأعمالها ما استدللت على أن الله تعالى خصها بالبركة وفضلها على جميع البلاد ، فمن ذلك أنه يزرع في أراضيها القطن والسمسم والبطيخ والخيار والدخن والكرم والذرة والمشمش والتين والتفاح عذيا لا يسقى إلا بماء المطر ، ويجيء مع ذلك رخصا غضا طريا ويفوق ما يسقى بالمياه والسيح في جميع البلاد ، وهذا لم أره فيما طوفت من البلاد في غير أرضها.
ومن ذلك أن مسافة ما بيد مالكها في أيامنا هذه وهو الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر يوسف بن أيوب ومدبر مملكته والقائم بجميع أموره شهاب الدين طغرل وهو خادم رومي زاهد متعبد حسن العدل والرأفة برعيته لا نظير له في أيامه في جميع أقطار الأرض ، حاشا الإمام المستنصر بالله أبي جعفر المنصور بن الظاهر بن الناصر لدين الله [الخليفة في بغداد] من المشرق إلى المغرب مسيرة خمسة أيام ، ومن الجنوب إلى الشمال مثل ذلك ، وفيها ثمانمائة ونيف وعشرون قرية مشتركة بين الرعية والسلطان ، أوقفني الوزير الصاحب القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم القفطي ، وهو يومئذ وزير صاحبها ومدبر دواوينها ، على الجريدة بذلك وأسماء القرى وأسماء ملاكها ، وهي بعد ذلك تقوم برزق خمسة آلاف فارس مراخي الغلة موسع عليهم.
قال لي الوزير الأكرم : لو لم يقع إسراف في خواص الأمراء وجماعة من أعيان المفاريد لقامت بأرزاق سبعة آلاف فارس ، لأن فيها من الطواشية المفاريد ما يزيد على ألف فارس