وكان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة ، وهو أول من أفشى القرآن بمكّة من في رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان يوقظ النبي صلىاللهعليهوسلم إذا نام ، ويستره إذا اغتسل ، ويرحّل له إذا سافر ، ويماشيه في الأرض الوحشاء. أحد النفر الذين دار عليهم القضاء والأحكام من الصحابة ، توفي بالمدينة ، وأوصى أن يصلّي عليه الزبير بن العوّام ، عاده عثمان بن عفّان في مرضه ، فقال : كيف تجدك؟ قال : مردود إلى مولى الحق ، ترك تسعين ألفا وعقبه بالكوفة ، فداره بالكوفة دار مشهورة ، توفي سنة اثنتين (١) وثلاثين ، ودفن بالبقيع وهو ابن بضع وستين سنة ، صلّى عليه الزّبير للمؤاخاة التي بينهما ، كان أحمش (٢) السّاقين ، عظيم البطن ، قضيفا (٣) ، لطيفا ، فطنا ، له ضفيرتان يرسلهما من وراء أذنيه ، أسند عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نيّفا وثلاثمائة حديث ، حدّث عنه الصحابة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وعمران بن حصين ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ، وأنس بن مالك ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو أمامة الباهليّ ، وعمرو بن حريث ، وأبو هريرة ، وأبو رافع ، وأبو شريح الخزاعي ، ووابصة بن معبد ، وطارق بن شهاب ، أصحابه سرج القرية وأعلامها.
أخبرنا أبو منصور عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الواحد قال : قال لنا (٤) أبو بكر الخطيب (٥) :
وعبد الله بن مسعود بن غافل ـ وقيل : عاقل ـ بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ، أبو عبد الرّحمن ، حليف بني زهرة بن كلاب ، ذكر نسبه هكذا محمّد بن سعد كاتب الواقدي (٦) ، وخليفة بن خيّاط العصفري (٧) ، غير أن ابن سعد سمّى جدّه غافلا بالغين المعجمة وبالفاء ، وسمّاه خليفة عاقلا بالعين المهملة وبالقاف.
وقال خليفة أيضا : ابن حبيب بن فار بن شمخ بن مخزوم ، ونسبه محمّد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي فقال (٨) : عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم ، ولم يذكر ما تخلل ذلك من الأسماء التي ذكرناها ، وكذلك نسبه أبو بكر أحمد بن عبد الله بن
__________________
(١) الأصل : اثنين.
(٢) أي دقيقهما (انظر اللسان).
(٣) القضيف : الدقيق العظم القليل اللحم (اللسان : قضف).
(٤) الأصل : أنا.
(٥) تاريخ بغداد ١ / ١٤٧.
(٦) راجع ما مرّ قريبا عن طبقات ابن سعد.
(٧) راجع ما ورد في نسبه ـ باختلاف ـ عن خليفة.
(٨) راجع سيرة ابن هشام ١ / ٢٧٢