الله أن يعزّ الإسلام وأهله عزا منيعا ، وأن يفتح لهم فتحا يسيرا فإنه بلغني أن ملك الروم نزل قرية من قرى الروم ، يقال لها أنطاكية ، وإنه بعث إلى أهل مملكته فحشرهم إليه ، وأنهم خرجوا إليه على الصعبة والذلول ، فقد رأيت أن أعلمك ذلك ، فنرى رأيك ، ورأيك موفّق ، رشيد ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قال : فكتب إليه أبو بكر :
بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله أبي بكر الصّدّيق خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى [أبي](١) عبيدة بن الجرّاح ، ومنهم من قال : إنّما كتب : من أبي بكر ، وكان عمر هو الذي أحدث من عبد الله عمر أمير المؤمنين ، فكتب أبو بكر : سلام عليك فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، أمّا بعد ، فقد أتاني كتابك وفهمت ما ذكرت من أمر هرقل ملك الروم ، فأما نزوله بأنطاكية فهزيمة له ولأصحابه ، وفتح عليك من الله وعلى المسلمين إن شاء الله ، وأما حشره للمرء (٢) بمملكته ، وجمعه للمرء (٣) الجموع فإنّ ذلك كما نعلم وأنتم تعلمون أنه سيكون منهم ، ما كان قوم ليدعوا سلطانهم ، ولا ليخرجوا من ملكهم بغير قتال ، ولقد علمت ـ والحمد لله ـ أن قد غزاهم رجال كثير من المسلمين يحتسبون من الله في قتالهم الأجر (٤) ويحبّون الجهاد في سبيل الله أشدّ من حبهم أبكار نسائهم ، وعقائل (٥) أموالهم. الرجل منهم عند الهيج خير من ألف رجل من الروم ، فألقهم بجندك ، ولا تستوحش لمن غاب عنك من المسلمين ، فإنّ الله معك ، وأنا مع ذلك ممدك بالرجال بعد الرجال حتى تكتفي ، ولا تحبّ أن تزداد ، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته ،
وبعث بالكتاب مع عبد الله بن نزار العبسي.
٣٦٠١ ـ عبد الله بن نصر بن هلال السّلمي
والد أبي الفضل
حدّث عن محمّد بن المبارك الصّوري ، وأبي مسهر الغسّاني ، ويحيى بن صالح الوحاظي.
__________________
(١) سقطت من الأصل.
(٢) في المختصر ١٤ / ٨٧ والمطبوعة : «لكم» في الموضعين.
(٣) في المختصر ١٤ / ٨٧ والمطبوعة : «لكم» في الموضعين.
(٤) المختصر والمطبوعة : الأجر العظيم.
(٥) عقائل جمع عقيلة ـ كسفينة ـ من القوم : سيّدهم ، والعقيلة من كل شيء : أكرمه. وكريمة الإبل. (القاموس المحيط).